ومكانته مكينة وسيرته حسنة، وعنده مكارم وحسن عشرة.
وتوفي رحمه الله ولم يخلف ما يقوم بنصف ما عليه من الديون رحمه الله تعالى، وكان عنده فضيلة وأهلية ومعرفة بالأدب والنحو يحفظ القرآن العظيم، ويتلوه في كثير من أوقاته وعلى ذهنه من الأحاديث النبوية صلوات الله وسلامه على قائلها جملة وافرة، ولعله يستحضر معظم موطأ مالك بن أنس رحمه الله، وكان يميل إلى مذهبه، وله عقيدة عظيمة في الفقراء والصالحين ومسارعة إلى قضاء حوائجهم رحمه الله، وكان ينظم الشعر، فمن شعره:
صب أسير في بلد الأشواق ... مذ آذنوا أهل الحمى بفراق
لا داره تدنو فيسكن ما به ... يوماً ولا هو بعد بعد فراق
يلقى جيوش الشوق وهي كثيرة ... أبداً بقلب واهن خفاق
أترى له من عودة يحيا بها ... أم هل للسعة قلبه من راق
يا نازلين على الكثيب برامة ... متعرضين لفتنة العشاق
أنتم ملاذ المستهام وذخره ... وهواكم من أنفس الأعلاق
أعيا الذي يصف المحبة والهوى ... ما قد لقيت بكم وما أنا لاق
ليلي طويل بعد بعدي عنكم ... وكذاك ليل فاقد المشتاق
وقال أيضاً رحمه الله:
برق بدا لك أم لاحت لك الدار ... فعاد قلبك تهيام وتذكار
أم ذكر أيام نجد والخليط بها ... وأنت فيها ومن تهواه زوار
أم قاسيون ومن فيه فكم قضيت ... بسفحه لك أوقات وأوطار
والشمل مجتمع والدار دانية ... ومن تحب بها جار وسمار
فبت رهن صبابات حليف هوى ... ودمع عينك منهل ومدرار