للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معين الدين بارعاً في علم العربية، فقال له: لو تعلمت الحساب لكان أنفع لك في المكانة والرزق، فاشتغل بالحساب على معين الدين المستوفي، فلما رأى أنه قد برع فيه، وكان معين الدين يطلب الإقالة في كل وقت من السلطان علاء الدين فلا يجيبه، فاستناب لمهذب الدين المذكور، وأظهر أنه قد أضر، ولم يزل معين الدين إلى أن رتبه مستوفياً. فرأى منه السلطان علاء الدين الكفاية فاستوزره وعظم شأنه وتقدم عنده. وتوفي السلطان علاء الدين وولي ولده غياث الدين كيخسرو، فاستمر في الوزارة وتمكن إلى أن توفي في سنة اثنتين وأربعين وست مائة، ورتب ولده معين الدين مكانه وتدرج واستفحل أمره بحيث استولى على ممالك الروم بأسرها، وصانع ممالك التتر وملوكها، وداراهم بحيث صاروا بأمره وطوعه، وكذلك ملوك الروم، وكان الخوف يحمله على مكاتبة الملك الظاهر ليكون سنداً له وعوناً على بلوغ مقاصده. وكان من رجال الدهر حزماً ورأياً وشجاعة وقوة قلب وإقدام على الأهوال والأمور العظام، وكان يبذل في بلوغ مقاصده من الأموال العظيمة ما لا يسمح به نفس ملك، ولم يزل على ذلك إلى أن قتل في العشر الأوسط من المحرم هذه السنة. وسبب قتله أن أبغا بعد وقعة البلستين التي كانت في عاشر ذي القعدة سنة خمس وسبعين وست مائة، فرّق عساكره في الروم وطافها في النهب والقتل، ومعه البرواناة، فمرّ في طريقه على قلعة تسمى كوغرينا، وكانت خاصة للبرواناة، وفيها أكثر ذخائره وأمواله، وبها وال من جهته يسمى سيف الدين باريساره،

<<  <  ج: ص:  >  >>