من شهور الروم، والخليفة الإمام الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد؛ وهو بقلعة الجبل من الديار المصرية، وملك الديار المصرية والشام الملك السعيد ناصر الدين أبو المعالي محمد بركة قان بن الملك الظاهر بيبرس وهو بالديار المصرية.
ففي يوم الخميس بكرة النهار ثالث وعشرون المحرم دخل قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمه الله مدينة دمشق، وخرج نائب السلطنة الأمير عز الدين ايدمر بجميع الموكب والأمراء لتلقيه إلى آخر الجسورة، وخرج أهل البلد إلى مسجد القدم، وأما رؤساء البلد وعدوله فتلقوه عدة مراحل بحيث أن وصل منهم جماعة رمح، ولم يزالوا متواصلين إليه في كل مرحلة، وسرّ الناس بولايته سروراً مفرطاً، ومدحه الشعراء وهنؤه بقدومه، ولم يبق من الأدباء من لا مدحه بغرر القصائد وهي مذكورة في دواوينهم. وانشده الشيخ رشيد الدين عمر بن إسماعيل الفارقي من لفظه لنفسه:
أنت في الشام مثل يوسف في مص ... ر وعندي أن الكرام جناس
ولكل سبع شداد بعد الس ... بع عام فيه يغاث الناس
وعمل الفقيه شمس الدين محمد بن جعوان النحوي رحمه الله في المعنى يقول:
لما تولى قضاء الشام حاكمه ... قاضي القضاة أبو العباس ذو الكرم
من بعد سبع شداد قال خادمه ... ذا العام فيه يغاث الناس بالنعم