للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجه صحبته مجد الدين وأخوه جمال الدين، فاتفق إنهم في الطريق قلّ عليهم الزاد وحصل لهم جوع فسيروا بعض الغلمان بدراهم ليشتروا ما وجدوا في تلك القرية التي نزلوا بقربها شيء فوجدوا أبواب القرية مغلقة فدقوا بعض الأبواب فلم يجبهم أحد، فتسوروا الجدار ونزلوا إلى الدار فأخذوه وأعطوا ربتها دراهم كثيرة، فامتنعت من أخذها فوضعوها عندها وأخذوا البيض. فلما قدموا وعملوه وفرشوا السفرة وأحضروا ذلك البيض تقدم مجد الدين للأكل ومد يده إلى البيض، فلم يستطع الوصول إليه فقال لأخيه: يا أخي! هذا البيض حرام، فقال: اماله أنت، الدراهم وقد أرسلتها معهم، فمد يده ثانياً فلم يستطع فقال: هذا ما آكل منه، هذا حرام. فطلب أخوه الغلمان وألحّ عليهم في أمر شرى ذلك، فأخبروه أنهم اخذوه غصباً، ورموا لها الدراهم، ولم تأذن لهم في أخذ البيض، فتعجب من حضر من ذلك.

وكان له قدم صدق في الطاعات والقرب لا يضيع شيئاً من أوقاته إلا في العبادة مثل أشغال أو اشتغال أو تهجد أو تلاوة أو مطالعة أو جلب نفع إلى من يقصده، أو دفع ظلم عن مظلوم وإغاثة ملهوف، أجمع من يعرفه على علمه ودينه وفضيلته - رحمه الله تعالى. وكان مع هذه الفضائل له يد في النظم والنثر. فمن ذلك ما كتبه في وداع الملك الناصر صلاح الدين يوسف - رحمه الله:

أقول لصحبي حين ساروا ترفقوا ... لعلي أرى من بالجناب الممنّع

وآلثم أرضاً ينبت العز تربها ... وأسقي ثراها من سحائب أدمعي

<<  <  ج: ص:  >  >>