فكلّ مسيء بي إليّ كمحسن ... وكل مضلّ إليّ كمرشد
ولا فرق عندي بين أنس ووحشة ... ونور وإظلام ومدن مبعد
وسيان إفطاري وصومي وفترتي ... وجهدي ونومي وادعاً وتهجدي
أرى تارة في حانة الخمر خالعاً ... عذارى وطوراً في حنية معبد
تجلى فسرى بالحقيقة مشرب ... ووقتي ممزوج بكشف سرمد
وقلبي مع الأشياء أجمع قلب ... وسرّى مقسوم على كلّ مورد
تعمرت الأوطان بي وتحققت ... كظاهرها عندي بعيني ومشهدي
فهيكل أوثان ودين لراهب ... وبيت لنيران وقبلة مسجد
ومسرح غزلان وخانة قهوة ... وروضة أزهار ومطلع أسعد
ومنبع عرفان وإسراج حكمة ... وأنفاس وجدان وقيظ تبلد
وجيش لضرغام وحذر لكاعب ... وظلمة حيران ونور لمهتدي
تقابلت الأضداد عندي جميعها ... كمحبة مجهود ومنحة مجتدي
وأحكمت تقرير المراتب صورة ... ومعنىً ومن عين التفرد موردي
فما موطن إلا ولي فيه مقصد ... على قدم قامت بحق التفرد
ولا غرو إن فتّ الأنام غلاّ وقد ... علقت بحبل من حبال محمد
عليه صلاة الله يشفع دائماً ... بروح تحيات السلام المسّود
وقال أيضاً - رحمه الله تعالى:
جهد المحبة لوعة وغرام ... وكآبة وصبابة وسقام
ومدامع مسفوحة وأضالع ... مقروحة وتولّه وهيام