القاسم بن أبي بكر بن القاسم الاربلي التاجر المنعوت بأمين الدين المعروف بالمقرئ. مولده سنة أربع وتسعين وخمس مائة باربل، وكان من أعيان التجار، وتردد إلى الديار المصرية وبلاد العجم مراراً، وانتهى إلى خوارزم، وسمع صحيح مسلم على المؤيد بن محمد بن علي الطوسي بنيسابور، وتوفى بالمدرسة العادلية الكبيرة بدمشق يوم الثلاثاء ثاني جمادى الأولى، ودفن بمقابر الصوفية ظاهر دمشق، وكان قد رق حاله، وقل ما بيده رحمه الله تعالى.
محمد بن أحمد بن مكتوم أبو عبد الله شمس الدين البعلبكي المعروف بابن أبي الحسين رحمه الله تعالى. كان فاضلاً مشاركاً في علوم كثيرة، مستقلاً بعلم الأدب والنظم، وحفظ القرآن العزيز، وأتقنه واشتغل بالفقه على مذهب الامام الشافعي رحمة الله عليه، وكان أولاً حنبلي المذهب ثم صار شافعياً وحفظ التنبيه، وكان معيداً بمدرسة أمين الدولة على بن العقيب رحمه الله بجامع بعلبك، وحفظ المقامات الحريرية، وأتقنها دراية، وكان يحفظ من الأشعار شيئاً كثيراً، وعلى ذهنه قطعة صالحة من التاريخ وأيام الناس، وأما حسن محاضرته، ودماثة أخلاقه، وشرف نفسه، وكثرة قنعه، فقل من يضاهيه فيه، وكان رحمه الله كثير الملازمة لي، لا يكاد يفارقني ليلاً ولا نهاراً إلا في النادر، وإذا عرض لي سفر صحبني فيه، فلما كان المصاف ظاهر حمص بين الملك المنصور سيف الدين قلاوون رحمه الله وبين التتار في شهر رجب هذه السنة، توجهت لحضوره، وهو صحبتي فاستشهد إلى رحمة الله تعالى في ذلك اليوم، وهو يوم الخميس