وحصل له سوء مزاج، وتخليط في كلامه، ولم يزل ذلك يتزايد إلى أن توفى إلى رحمة الله تعالى في يوم الأحد تاسع ربيع الآخر ببستانه، ودفن يوم الاثنين بسفح قاسيون في التربة المعروفة به، وقد نيف على الخمسين سنة رحمه الله بعد أن صلى عليه مراراً، ولم يتخلف عنه أحد من المشهورين، وختم له بأنواع الصالحات، منها: موته خاملاً غير متول، ومنها: النكبة التي نكبها وحبس عليها شهراً ظلماً، وعدواناً، ومنها: مرضه الطويل حتى اضمحل، ولم يبق عليه من اللحم شيء، وآخر ما ختم له به أنه يوم مات توضأ بنفسه لصلاة العصر، وقال: هللوا معي، فهللوا، وخرجت روحه مع آخر التهليلات، فكان آخر كلامه: لا إله إلا الله؛ فنرجوا له الجنة للحديث في ذلك. وتولى عوضه في المدرسة العذارية زين الدين وكيل بيت المال، وذكر الدرس يوم الأحد سادس عشر الشهر، وعوض ولده محي الدين أحمد بالعمادية، وزاوية الكلاسة، وذكر بها الدرس يوم الأربعاء تاسع عشره. روى الحديث عن ابن اللتى، والسخارى، وابن الجميزى، وابن خليل، وجماعة كثيرة، وكان قد قرأ المحصول بحثاً، والحاصل، والتنبيه، والمفصل للزمخشري، وسافر إلى البلاد في طلب العلم، وحصل علماً كثيراً، وديناً وافراً رحمه الله ومولده سنة تسع وعشرين وست مائة.
محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان أبو عبد الله بهاء الدين البرمكي الشافعي. مولده سنة ثلاث وست مائة، أظن باربل، سافر إلى البلاد، واشتغل بالفقه، وسمع الحديث، وكان رجلاً معدوم النظير في