في المدرسة الشامية بعد فصول، ثم استقل بها شمس الدين، لما حضر الصاحب بهاء الدين رحمه الله إلى الشام في سنة تسع وستين، وولاه وكالة بيت المال المعمور بالشام، ورفع من قدره، فباشر ذلك مدة يسيرة، ثم ولاه قضاء القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمه الله تعالى فباشر الأحكام الشرعية، وسلك الطرق المرضية، واجتهد على تمييز الأوقاف من حفظ أموال الأيتام، وأوقاف الأشراف، وتصدى لذلك، وطار صيته وحمدت طريقته، لولا ما كان يعانيه من التوبيخ، والمحاقة، وكشف العورات، وإطراح الأكابر، فمقته الناس لذلك، وكثرت الشكوى منه بسببه. وتغير عليه الصاحب بهاء الدين رحمه الله ولم يمكنه عزله لأنه كان أطنب في شكره عند الملك الظاهر رحمه الله عزله، وأعاد قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمه الله فكانت ولايته سبع سنين، فسر معظم الناس بعزله، واقتصر على تدريس العذراوية، وأظن مدرسة أخرى. وكان صرفه عن الحكم في أول سنة سبع وسبعين، واستمر معزولاً إلى حيث تسلطن الملك المنصور سيف الدين قلاوون رحمه الله وحضر إلى دمشق سنة ثمانين وست مائة، فأعاده إلى الحكم لأسباب اقتضت ذلك. فباشر في أول السنة المذكورة، وعاد إلى سجيته وما كان يعانيه من الغض من الناس، وكشف عوراتهم، وذكر مساويهم. فحصل التضافر عليه والسعي فيه، فاعتقل في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين بقلعة دمشق، وصرف وولى مكانه قاضي القضاة بهاء الدين يوسف بن الزكي رحمه الله ولزم بيته