للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عقيل: إن حصر العدو بلداً، أو قصدوا عدوًّا بمسافة قريبة، لم يجز الفطر، والقصر على الأصح، ونقل حنبل: إذا كانوا بأرض العدو وهم بالقرب، أفطروا عند القتال، وذكر جماعة فيمن هو في الغزو، وتحضر الصلاة، والماء إلى جنبه، يخاف إن ذهب إليه على نفسه، أو فوت مطلوبه، فعنه: يتيمم ويصلي. اختاره أبو بكر، وعنه: لا يتيمم ويؤخر الصلاة، وعنه: إن لم يخف على نفسه، توضأ وصلى، وسبق في التيمم. ومن به شبق يخاف تنشق مثانته، جامَعَ وقضى ولا يكفر، نقله الشالنجي. قال الأصحاب: هذا إن لم تندفع شهوته بدونه، وإلا لم يجز، وكذا إن أمكنه أن لا يفسد صوم زوجته، لم يَجُزْ، وإلا جاز للضرورة، ومع الضرورة إلى وَطْءِ حائض وصائمة، فقيل: الصائمة أولى؛ لتحريم الحائض بالكتاب، وقيل: يتخير لإفساد صومها، وإن تعذر قضاؤه، لدوام شبقه، فكالشيخ الهرم على ما يأتي (١) .


(١) والشبق - نسأل الله العافية - هو عبارة عن شدة الشهوة، فإذا تحركت الشهوة نزل الماء إلى الأنثيين، وقوله - رحمه الله -: «خاف تشقق المثانة» أنا لا أعرف هذا، والمعروف: خاف تشقق أنثييه؛ لأنه بمجرد ما يشتهي ينزل الماء إلى الأنثيين، ثم تنتفخ وتشقق، إلا إذا أنزل، ولاشك أن هذا مرض شديد، فإذا أصيب الإنسان به فلا بأس أن يفطر، بل قد نقول: بوجوب الفطر في هذه الحال.

وهنا انتهى الكلام عن المريض، وقد بين - رحمه الله - بياناً واضحاً في حكم المريض، والخلاصة في ذلك: أن المريض إذا لم يشقَّ عليه الصوم فالفطر حرام، وإن شق عليه بدون خوف ضرر فالصوم مكروه، وإن شق عليه مع خوف الضرر فالصحيح أن الصوم حرام، أما مع خوف التلف فيكون أشد تحريماً، وهذه الخلاصة على القول الراجح، وبناءاً على ذلك نعرف أن ما يفعله بعض العوام من كونه يمتنع عن الفطر مع المشقة في المرض، فهذا غلط، وهذا عدول عن رخصة الله تبارك وتعالى.

<<  <   >  >>