للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل: يُكْرَهُ استقبال رمضان بيوم أو يومين

يُكْرَهُ استقبال رمضان بيوم أو يومين، ذكره الترمذي عن أهل العلم، وجزم به الأصحاب، مع ذكرهم في يوم الشك ما يأتي، وقد قال أحمد - رحمه الله تعالى - في رواية أبي داود وغيره: إنه إذا دخل لم يَحُلْ دونه سحاب أو قتر يوم شك، ولا يصام. وكذا نقل الأثرم: ليس ينبغي أن يصوم إذا لم يَحُلْ دون الهلال شيء من سحاب، ولا غيره، فهذا من أحمد للتحريم، على ما سبق في خطبة الكتاب (وش) ، ولم أجد عن أحدٍ خلافه، إلا ما حكاه الترمذي في يوم الشك عن أكثر أهل العلم - منهم أحمد - الكراهة، والأظهر أنه لا تعارض، وأن قوله في رواية أبي داود يوم شك، فيه نظر، إلا أن يكون المراد: لم يَحُلْ دونه شيء، وتقاعدوا عن الرؤية، وفيه نظر، فإن كان أراده، فيوم الشك محرم عنده؛ لقول عمار: «من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم» . فتَقَدُّمُه باليوم واليومين أولى عنده بالتحريم؛ لصحة النهي فيه، ولا معارض، ووجه تحريم يوم الشك فقط أن قول عمار صريح، والنهي يحتمل الكراهة، ووجه تحريم استقباله فقط النهي، وفيه زيادة على المشروع، وصوم الشك احتياط للعبادة، وقول عمار في إسناده أبو إسحاق، وهو مدلس، وروي من غير طريقه، بإسنادٍ أثبت منه موقوف. والله أعلم (١) ..

ولا يكره التقديم بأكثر من يومين. نص عليه؛ لظاهر حديث أبي هريرة: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه» . وقيل: يكره بعد نصف شعبان، وحرمه الشافعية؛ لحديث أبي هريرة: «إذا انتصف شعبان، فلا تصوموا» . رواه الخمسة، وضعفه أحمد وغيره من الأئمة، وصححه الشيخ، وحمله على نفي الفضيلة، وحمل غيره على الجواز.


(١) والصحيح أن يوم الشك هو يوم الغيم إذا حال دون الهلال غيم أو قتر، فصباح تلك الليلة هو يوم الشك، وأما إذا كانت السماء صحواً فأين الشك؟ لأن الناس سوف ينظرون ولا يجدون الهلال، فالصواب أن يوم الشك يوم ليلة الثلاثين إذا حال دون رؤية الهلال الغيم أو القتر.

<<  <   >  >>