يُكْرَهُ صوم الدهر إذا أدخل فيه يومي العيدين، وأيام التشريق، ذكره القاضي وأصحابه، والكراهة كراهة تحريم. ذكره صاحب «المغني» ، و «المحررِ» ، وغيرهُما، وهو واضح (١) .، وإن أفطر أيام النهي جاز، خلافاً للظاهرية، وسبق كلام ابن عقيل في إعادة الصلاة، ولم يكره، والمراد ما ذكره صاحب «المحررِ» وغيره، إذا لم يترك به حقا، ولا خاف منه ضررا. نقل حنبل: إذا أفطر أيام النهي فليس ذلك صوم الدهر. ونقل صالح: إذا أفطرها رجوت أن لا بأس به. وهذا اختيار القاضي وأصحابه، وصاحب «المحررِ» والأكثر (وم ش) ، وذكر مالك أنه سمع أهل العلم يقولونه؛ لقول حمزة بن عمرو: يا رسول الله، إني أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ قال:«إن شئت فصم» . متفق عليه؛ ولأن أبا طلحة، وغيره من الصحابة، وغيرهم فعلوه، ولأن الصوم مطلوب للشارع إلا ما استثناه، وأجابوا عن حديث عبد الله بن عمرو، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صام من صام الدهر» . رواه البخاري؛ بأنه عليه السلام خشي عليه ما سبق، ولذلك قال: ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما كَبِرَ. واختار صاحب «المغني» : يكره، وهو ظاهر رواية الأثرم، وللحنفية قولان. وقال شيخنا: الصواب قول من جعله تركا للأولى، أو كرهه، فعلى الأول: صوم يوم وفطر يوم أفضل منه، خلافا لطائفة من الفقهاء والعباد. ذكره شيخنا، وهو ظاهر حال من سرده، ومنهم أبو بكر النجاد من أصحابنا؛ حملا لخبر عبد الله بن عمرو عليه، وعلى من في معناه؛ لأنه - عليه السلام - لم يرشد حمزة بن عمرو إلى يوم ويوم. قال أحمد: ويعجبني أن يفطر منه أياما.
(١) والصواب كما قال المؤلف: أنه يكره صوم الدهر كراهة تحريم إن دخل فيه الأيام التي يحرم صيامها.