قال في «الخلاف» : ما يجري به الريق لا يمكنه التحرز منه، وكذا ما يبقى من أجزاء الماء بعد المضمضة، كالذباب والغبار، ونحو ذلك، فإن قيل: يمكنه التحرز من أجزاء الماء من المضمضة؛ بأن يبزق أبداً حتى يعلم أنه لم يبق منها شيء، قيل: هذا يشق، وليس في لَفْظِ ما يمكن لَفْظُه مشقة (١) ، يعني: ما يبقى في فيه، ولم يجر به الريق. وهذا معنى كلام صاحب «المحرر» هنا، وقال في ذوق الطعام: لا يفطر إن بصق، واستقصى، كالمضمضة. ويأتي كلام الشيخ أول الفصل بعده.
[فصل: يكره للصائم أن يجمع ريقه ويبلعه]
يكره للصائم أن يجمع ريقه ويبلعه، فإن جمعه ثُمَّ بلعه قصداً، لم يفطر (و) ، كما لو بلعه قصداً ولم يجمَعْه؛ بخلاف غبار الطريق، وقيل: يفطر، فيحرم ذلك، كعودِهِ وبلعه من بين شفتيه، وفي «منتهى الغاية» : ظاهر شفتيه؛ لإمكان التحرز منه عادةً، كغير الريق، وإن أخرج من فيه حصاةً أو درهماً أو خيطاً، ثم أعاده، فإن كان ما عليه كثيراً فبلعه أفطر، وإن قل لم يفطر، في الأصح (ش) ؛ لأنه لا يتحقق انفصاله ودخوله حلقه، كالمضمضة، ولو كان لسانه، لم يفطر. أطلقه الأصحاب (و) ؛ لأن الريق لم يفارق محله، وقال ابن عقيل: يفطر.
وإن تنجس فمه، أو خرج إليه قيء أو قلس، فبلعه، أفطر. نص عليه، وإن قل؛ لإمكان التحرز منه، وإن بصقه، وبقي فمه نجساً، فبلع ريقه، فإن تحقَّقَ أنه بلع شيئاً نجساً أفطر، وإلا فلا، وصفة غسل فمه، سبق في الفصل الثاني من إزالة النجاسة.
(١) بعض الناس إذا تمضمض بقي يتفل لمدة، ويقول: أخشى أن يبقى طعم الماء في فمي، وينزل إلى بطني، وهذا من التنطع والتعمق في الدين، فالصحابة رضي الله عنهم، بل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يتمضمض ولم يفعل ذلك، وأما هذا التشدد فإنه لا ينبغي، أما ما يبقى في الأسنان من آثار الطعام فهذا يستطيع الإنسان أن يخرجه دون مشقة والتحرز منه، فهو سهل.