وهل يفطر ببلع النخامة (وش) كالتي من جوفِهِ؛ لأنها من غير الفم كالقيء، أم لا؛ لاعتبارها في الفم كالريق؟ فيه روايتان، وعليهما ينبني التحريم، وفي «المستوعب» : أن القاضي وغيره ذكروا في النخامة روايتين، ولم يفرقوا، وذكر ابن أبي موسى: يفطر بالتي من دماغه، وفي التي من صدرِهِ روايتان (١) .
ويكره ذوق الطعام، ذكره جماعة وأطلقوا (وم) ، وقد قال أحمد: أحب أن يَجتنبَ ذوق الطعام، فإن فعل فلا بأس، وذكر صاحب «المحرر» أن المنصوص عنه: لا بأس به؛ لحاجةٍ ومصلحةٍ، واختاره في «التنبيه» ، وابن عقيلٍ (وهـ ش) وحكاه أحمد والبخاري عن ابن عباسٍ، وكالمضمضة المسنونة، فعلى هذا: عليه أن يستقصي في البصق، ثُمَّ إن وجد طعمه في حلقه لم يُفطِر، كالمضمضة، وإن لم يستقص في البصق أفطر؛ لتفريطِهِ، وعلى الأول: يفطر مطلقاً؛ لإطلاق الكراهة. ذكره صاحب «المحررِ» ، وجزم جماعة بفطرِهِ مطلقاً، ويتوجه الخلاف في مجاوزة الثلاث.
(١) كلامه - رحمه الله - يدل على أن مسألة بلع النخامة فيها خلاف، وأنه ليس بحرام، ولكن الفقهاء - رحمهم الله - صرحوا أن بلع النخامة حرام على الصائم وغيره؛ لأنها مستقذرة، ولأنها قد تحمل جراثيم من الرئة أو من الدماغ، أو غير ذلك، فيؤدي إلى أضرار في المعدة، لكن الجزم بالتحريم فيه نظر، لا في الصيام، ولا في الإفطار؛ لأنها تشبه الريق، وكثيراً ما يأتي بها الريق بلا إحساس، ولا يلزم الإنسان إذا أحس في حلقه بنخامة أن يتكلف بإخراجها، كما يفعله بعض العوام، بل يتركها إن نزلت إلى الجوف فهي نازلة، وإن خرجت فهي خارجة، أما أن يتكلف جذبها حتى لا يبتلعها فهذا غلط.