وكذا صوم أيام التشريق نفلا (و) ؛ لما روى مسلم، عن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق، فناديا:«إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب» . ولمسلم، من حديث نُبَيْشَةَ الهذلي:«أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكرٍ لله» . ولأحمد النهي عن صومها من حديث أبي هريرة، وسعد، بإسنادين ضعيفين، ورواه أيضا عن يونس بن شداد مرفوعا. قال ابن الجوزي: يونس شبيه بالمجهول. وروى الشافعي وأحمد النهي من حديث علي بإسناد جيد، وهو في «الموطأ» عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار مرسلا، ومن صامها أو رخص فيه، فلم يبلغه النهي، قال صاحب «المحررِ» : أو تأوله على إفرادها، فهذا يسوغ لهم؛ تشبيها بيوم الشك، ولا يصح فرضا في رواية (وهـ ش) ، لكن صحح أبو حنيفة صومها عن نذرها خاصة؛ كقوله في العيد، ويصح في رواية؛ لقول ابن عمر وعائشة: لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ، إلا لمن لم يجد الهدي. رواه البخاري. وذكر الترمذي عن أحمد: يجوز صومها عن دم المتعة خاصة، وكذا ظاهر كلام ابن عقيل، تخصيص الرواية بصوم المتعة، وهو ظاهر «العمدة» ، واختار صاحب «المحررِ» . وفاقا لمالك، والأوزاعي، وإسحاق، وقول للشافعي (١) .
(١) وهذا هو الصحيح، أنه يحرم صومها إلا لمن لم يجد الهدي في تمتع أو قران، ووجه الاستثناء قوله تعالى: {فصيام ثلاثة أيام في الحج} [البقرة: ١٩٦] ، وآخر أيام الحج أيام التشريق، فإذا لم يتيسر له قبل يوم عرفة فليصم هذه.