يحرم صوم يومي العيدين إجماعاً؛ للنهي المتفق عليه، من حديثي عمر وأبي هريرة، ولا يصح فرضاً (وم ش) ، ولا نفلاً (وم ش) ، وعنه: يصح فرضا. نقله مهنا في قضاء رمضان؛ لأنه إنما نُهِيَ عنه؛ لأن الناس أضياف الله وقد دعاهم، فالصوم ترك إجابة الداعي. ومثل هذا لا يمنع الصحة، ولم يصح النفل؛ لأن الغرض به الثواب، فنافته المعصية، ولذلك لم يصح النفل في غصب، وإن صح الفرض، كذا ذكر صاحب «المحررِ» ، وقد سبق في الصلاة في ستر العورة، وفي «الواضح» رواية: يصح عن نذره المعين. وسبق مذهب أبي حنيفة، وصاحبيه: لا يصح عن واجب في الذمة، ويصح عن نذره المعين، والتطوع به مع التحريم، ولا يلزم بالشروع، ولا يقضى عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف: يلزم ويقضى، وعن محمد كقولهما. ووجه انعقاده أن النهي لا يرجع إلى ذات المنهي عنه؛ ولأنه دليل التصور؛ لأن ما لا يتصور لا ينهى عنه، والتصور الحسي غير منهي عنه إجماعاً، ووجه الأول النهي، ولمسلم من حديث أبي سعيد:«لا يصلح الصيام في يومين» . وللبخاري:«لا صوم في يومين» . والنهي دليل التصور حسا، كما في عقود الربا، وبيع الغرر، ونكاح المحارم، وهو متحقق هنا، فإن من أمسك فيه مع النية عاصٍ إجماعاً، ورد قولهم: لا يتأدى الكامل بالناقص بقضاء المكتوبة في الغصب، وفيه نظر على ما سبق؛ لأن المحرم هناك التصرف في ملك الغير، وترك تنجية الغريق، لا خصوص الصوم، وبقضائها في حال القدرة على تنجية الغريق، فإنه يصح، وبأنه لو نذر صوم يوم عيد بعينه فقضاه في يوم عيد آخر، لم يصح، ولا نسلم أن النهي لم يرجع إلى عين المنهي عنه؛ لأن النص أضافه إلى صوم هذا اليوم كإضافة النهي إلى الصلاة من حائض ومحدث (١) .
(١) الصواب أنه حرام ولا يصح؛ لأن النهي عنه بعينه، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومي العيدين [أخرجه البخاري في الصوم/باب صوم يوم النحر (١٩٩٣) ؛ ومسلم في الصيام/باب تحريم صوم يومي العيدين (١١٣٨) .] ..كما نهى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس قيد رمح [أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها/باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيه (٨٢٥) ، وله شواهد متعددة في «الصحيحين» وغيرهما.] ، فلو صلى لكان عاصياً، ولا تصح صلاته، فهذا مثله ولا فرق.