للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال صاحب «المحرَّر» : ونقل صالح عن أحمد رواية ثالثة بصحة النية المترددة والمطلقة مع الغيم دون الصحو؛ لوجوب صومه، وإن نَوَى: إن كان غداً من رمضان، فصومي عنه، وإلا فهو عن واجب عيَّنه بنيته، لم يجزئه عن ذلك الواجب، وفي إجزائه عن رمضان إن بان منه الروايتان. وإن قال: وإلا فأنا مُفْطِرٌ، لم يصح، وفيه ليلة الثلاثين من رمضان وجهان؛ للشك والبناء على الأصل (وش) . وإن لم يردِّدْ نيّتَه بل نوى ليلة الثلاثين من شَعْبَانَ، أنه صائم غدا من رمضان بلا مستَنَدٍ شرعي - كصحو أو غيم -، ولم نوجب الصوم به، فبان منه، فعلى الروايتين فيمن تردد أو نوى مُطْلقاً (و) ، وظاهر رواية صالح والأثرم: تجزئه، مع اعتبار التعيين لوجودها، وإن نوى الرمضانية عن مستَنَدٍ شرعي، أجزأه، كالمجتهد في الوقت.

ومن قال: أنا صائم غداً إن شاء الله، فإن قصد بالمشيئة الشك والتردُّدَ في العزم والقصد، فسدت نيته، وإلا لم تفسد. ذكره في «التعليق» و «الفنون» ؛ لأنه إنما قصد أن فِعْلَه للصوم بمشيئة الله تعالى وتوفيقه وتيسيره، كما لا يفسُدُ الإيمان بقوله: أنا مؤمن إن شاء الله؛ غير متردد في الحال. وللشافعية وجهان. ثم قال القاضي: وكذا نقول: سائر العبادات لا تفسد بذكر المشيئة في نيتها (١) .


(١) يعني: إذا قال شخص: أنا صائم إن شاء الله، فإن كان متردداً فلا نية له؛ لأنه لم يجزم بها، وإن كان متبركاً فهذا لا بأس به، يعني: تصح النية على هذا الوجه؛ لأنه غير متردد، بل قال: إن شاء الله ليتحقق له مطلوبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سليمان عليه السلام «لو قال: إن شاء الله لم يحنث» [أخرجه البخاري في كتاب النكاح/باب قول الرجل: «لأطوفن الليلة على نسائي» (٥٢٤٢) ؛ ومسلم في الأيمان/باب الاستثناء في اليمين وغيرها (١٦٥٤) (٢٣) .] .

<<  <   >  >>