للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَنْ نوى الإفطار أفطر. نص عليه (وش ر م) ، وزاد في روايةٍ: يكفِّرُ إن تعمده؛ لاقتضاء الدليل اعتبار استدامة حقيقة النية، وإنما اكتفى بدوامه حكماً للمشقة ولا مشقة هنا، والحج آكد. وعند ابن حامدٍ، وبعض المالكية، وبعض الشافعية: لا يبطل صومه كالحج، مع بطلان الصلاة عندهم، ومذهب (هـ) لا يبطل سواء قطع النية قبل الزوال وبعده؛ لقوة الدوام (١) . وقولنا: أفطر، أي: صار كمن لم ينو، لا كمَنْ أكل، فلو كان في نفل ثم عاد نواه جاز. نص عليه (وش) ، وكذا لو كان في نذرٍ أو كفارةٍ أو قضاءٍ، فقطع نيته، ثُمَّ نوى نفلاً، جاز، ولو قلب نية نذرٍ وقضاءٍ إلى النفل، فكمَنْ انتقل من فرض صلاةٍ إلى نفلها، وعلى المذهب: لو تردد في الفطر، أو نوى أنه سيفطر ساعةً أخرى، أو إن وجدت طعاماً، أكلت وإلا أتممت، فكالخلاف في الصلاة. قيل: يبطل؛ لأنه يجزم بالنية، ولهذا لا يصح ابتداء الصوم بمثل هذه النية، وكمَنْ تردد في الكفر، نقل الأثرم: لا يجزئه من الواجب حتى يكون عازماً على الصوم، يومه كله، وقيل: لا يبطل؛ لأنه لم يجزم بنية الفطر. والنية لا يصح تعليقُهاَ (٢) .


(١) والصحيح أنه يفطر، يعني: إذا نوى الإفطار انقطع صومه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» [سبق تخريجه.] ، والصوم إنما يكون بالنية؛ لأنه ليس عملا لكي يشاهد وينظر، وإنما هو إمساك، ولكن من نوى أن يأكل ويشرب ولم يأكل ويشرب فهذا لا ينقطع صومه، وهكذا جميع المحظورات لا تبطل بها العبادات، إلا إذا وقعت فعلاً.
(٢) لكن الصواب: أنه إذا تردد في النية بعد أن شرع في الصوم فلا يبطل؛ لأن الأصل بقاؤه على ما كان عليه حتى يجزم.

<<  <   >  >>