وأما سائر المحظورات فليست من هذا الباب، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والترفه المنافي للتفث، كالطيب واللباس، ولهذا كانت فديتها من جنس فدية المحظورات، ليست بمنزلة الصيد المضمون بالبدل (١) .
فأظهر الأقوال في الناسي والمخطئ إذا فعل محظورا أن لا يضمن من ذلك إلا الصيد.
وللناس فيه أقوال:
هذا أحدها، وهو قول أهل الظاهر.
والثاني: يضمن الجميع مع النسيان، كقول أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره القاضي وأصحابه.
والثالث: يفرق بين ما فيه إتلاف كقتل الصيد والحلق والتقليم، وما ليس فيه إتلاف كالطيب واللباس، وهذا قول الشافعي وأحمد في الرواية الثانية، واختارها طائفة من أصحابه، وهذا القول أجود من غيره؛ لكن إزالة الشعر والظفر ملحق باللباس والطيب، لا بقتل الصيد، هذا أجود.
والرابع: أن قتل الصيد خطأ لا يضمنه، وهو رواية عن أحمد، فخرجوا عليه الشعر والظفر بطريق الأولى.
وكذلك طرد هذا أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا أو مخطئا فلا قضاء عليه، وهو قول طائفة من السلف والخلف.
ومنهم من يفطر الناسي والمخطئ كمالك.
وقال أبو حنيفة: هذا هو القياس، لكن خالفه لحديث أبي هريرة في الناسي.
ومنهم من قال: لا يُفْطِر الناسي، ويُفْطِر المخطئ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد، فأبو حنيفة جعل الناسي موضع استحسان، وأما أصحاب الشافعي وأحمد فقالوا: النسيان لا يفطر؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منه، بخلاف الخطأ فإنه يمكنه أن لا يفطر حتى يتيقن غروب الشمس، وأن يمسك إذا شك في طلوع الفجر.
(١) خلافا للمذهب في هذه المسألة: أن تقليم الأظفار وقص الشارب كالصيد، يعني: لا يسقط بالنسيان والجهل، والصواب خلاف ذلك، وأنها ليست من باب المتلفات؛ لأنه لا قيمة للظفر أو الشعر إذا قصه المحرم.