للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يدل على شيئين: على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب؛ فإنهم لم يفعلوا ذلك ولم يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع لله ولرسوله ممن جاء بعدهم؛ والثاني: أنه لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك، كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل ذلك دل على أنه لم يأمرهم به (١) .

فإن قيل: فقد قيل لهشام بن عروة: أمروا بالقضاء؟ قال: أو بد من القضاء؟


(١) وعلى هذا فإذا كان يوم غيم فلا نقول للناس: انتظروا حتى تتيقنوا الغروب؛ لأنه لو كان الانتظار حتى يتيقنوا الغروب واجبا لتأخر الصحابة رضي الله عنهم حتى يتيقنوا الغروب، وهذا قد يكون أمرا يستدعي وقتا طويلا، خصوصا مع كثافة الغيم، فإنه قد لا يتفرق إلا بعد مدة طويلة، فيفوت تعجيل الفطر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [أخرجه البخاري في الصوم/باب تعجيل الإفطار (١٩٥٧) ؛ ومسلم في الصيام/باب فضل السحور (١٠٩٨) ] ، هذا إذا لم يكن مع الإنسان ساعات، أما الآن -وقد جاءت الساعات- فالانتظار إن قلنا به مع الغيم فلن يعدو أن يكون دقيقتين أو ثلاث دقائق، يعني: لا يتأخر كثيرا، لكن في عهد المؤلف وما حوله ليس هناك ساعات تحدد الوقت.

وأما الأمر الثاني - وهو المهم-: أنه لا يجب القضاء بناءا على القاعدة، وهي: العذر بالجهل والنسيان والإكراه، والإنسان مأمور بأن يفطر ويعجل الفطر، فإذا فعل ما أمر به ثم تبين الأمر بخلاف ذلك، فإنه لا يُلزم بالقضاء، وكيف يُلزم بالقضاء من أطاع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟!

<<  <   >  >>