للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تسقُطُ غير هذه الكفارة بالعجز، مثل كفارة الظهار، واليمين، وكفارات الحج، ونحو ذلك. نص عليه. قال صاحب «المحررِ» وغيره: وعليه أصحابنا؛ لعموم أدلَّتِها حالة الإعسار (١) ، ولحديث سلمة بن صخرٍ في الظهار، ولأنه القياس، خُولِفَ في رمضان؛ للنص - كذا قالوا: للنص - وفيه نظر، ولأنها لم تجب بسبب الصوم، قال القاضي وغيره: وليس الصوم سبباً للكفارة، وإن لم تجب إلا بالصوم والجماع؛ لأنه لا يجوز اجتماعهما، وعنه: تسقط (٢) . ومذهب (ش) : هي كرمضان، إلا جزاء الصيد؛ لأن فيه معنى العقوبة والغرامة. وذكر غير واحدٍ أنه تسقط كفارة وطء الحائض بالعَجزِ، على الأصح، وعنه: بالعجز عن كلها؛ لأنه لا بَدَل فيها. وقال ابن حامدٍ: تسقط مطلقاً، كرمضان.


(١) يعني: أن أدلتها تعم حال الإعسار، ولكن أجابوا عن هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين الكفارة بقطع النظر عن الإلزام بها، والاستدلال أنها تجب مع العجز من أجل أن الأحاديث تعم، فيه نظر؛ لأن الأحاديث في بيان الكفارة، ثم تُنَزَّلُ كل حال على ما يقتضيه صاحبها.
(٢) قوله: «عنه» يعني: الإمام أحمد رحمه الله، وقوله: «تسقط» أي: جميع الكفارات تسقط بالعجز، وهذا هو الصواب، فإذا قال قائل: أليس الرجل إذا أعسر بالدين للآدمي يبقى في ذمته ولا يسقط؟ فالجواب: بلى، لكن هذا حق آدمي، أما الله عز وجل فقد عفا عن حقه عليه السلام، فقال: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: ٢٨٦] ، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦] ، فالصواب أن جميع الكفارات تسقط بالعجز، وأن جميع الواجبات تسقط بالعجز أيضاً، إذا لم يكن لها بدل، وبناءاً على ذلك لو ولد للإنسان ولد، وكان فقيراً ولم يعق عنه، ثم أغناه الله فهل نقول عُق عنه؟ الجواب: في هذا نظر، فقد يقال: إنه يعق عنه؛ لأن العقيقة ليس لها وقت، وقد يقال: لا يعق عنه؛ لأنه وقت سبب مشروعية العقيقة كان غير واجد، فلا يطالب بها، وهذا أقرب إلى القياس.

<<  <   >  >>