للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نقل هشام عن أبيه عروة أنهم لم يؤمروا بالقضاء، وعروة أعلم من ابنه (١) ، وهذا قول إسحاق بن راهويه، وهو قرين أحمد بن حنبل، ويوافقه في المذهب: أصولِه وفروعِه، وقولهما كثيرا ما يجمع بينه، والكوسج سأل مسائله لأحمد وإسحاق، وكذلك حرب الكرماني سأل مسائله لأحمد وإسحاق، وكذلك غيرهما؛ ولهذا يجمع الترمذي قول أحمد وإسحاق، فإنه روى قولهما من مسائل الكوسج، وكذلك أبو زرعة وأبو حاتم وابن قتيبة، وغير هؤلاء من أئمة السلف والسنة والحديث، كانوا يتفقهون على مذهب أحمد وإسحاق، يقدمون قولهما على أقوال غيرهما، وأئمة الحديث كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم هم أيضا من أتباعهما، وممن يأخذ العلم والفقه عنهما، وداود من أصحاب إسحاق.

وقد كان أحمد بن حنبل إذا سئل عن إسحاق يقول: أنا أسأل عن إسحاق؟! إسحاق يسأل عني (٢) .

والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ومحمد بن نصر المروزي وداود بن علي ونحو هؤلاء كلهم فقهاء الحديث رضي الله عنهم أجمعين.


(١) إذن يكون أبو هشام - وهو: عروة بن الزبير، أحد الفقهاء السبعة التابعي- قال: إنه لم يأمر بالقضاء، وعلى هذا فيكون المعتمد عدم أمرهم بالقضاء، ولو كان القضاء واجبا لأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك، إذ لا يمكن أن يؤخر البلاغ مع حاجة الناس إليه، ثم لو أمرهم بالقضاء لنقل إلينا؛ لأنه إذا أمرهم بالقضاء صار القضاء من شريعة الله، ولا بد أن تبقى إلى أن يأذن الله تعالى بفناء أهل الأرض، فكلما تأملت الحديث وجدت أنه كالمُتَيْقَن أنهم لم يقضوا.
(٢) هذا تواضع عظيم منه رحمه الله, ومن عرف قدر نفسه, عرف غيره قدره, والله المستعان.

<<  <   >  >>