للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر بعدها من بلغ معضوباً تلزمه الإستبانة، واحتج للمخالف بالصلاة، وأجاب بأن الصلاة لا نسلمها، ونقول: يصلى عنه بعد الموت، ثم الصلاة لا يتصور عجزه عنها إلا أن يموت، أو يزول عقله، بخلاف الحج، ولو وصى بها لم تصل عنه؛ بخلاف الحج عندهم (١) ،


(١) المريض إذا أخر الصوم - يعني: القضاء -: فإن كان في وقت رمضان مريضاً بمرض يرجى زواله فالواجب عليه القضاء، لكن إذا عجز واستمر به المرض حتى مات فهذا لا يُقضى عنه، ولا يطعم عنه؛ لأن الواجب هو القضاء، وقد عجز عنه.

والثاني: إذا كان مريضاً مرضاً لا يرجى زواله، فالواجب الإطعام، فإذا أطعم ثم برئ بعد ذلك فلا قضاء عليه، وإذا مات لم يُقْضَ عنه.

الثالث: مريض مرضاً يرجى زواله، عوفي بعد رمضان، وتمكن من القضاء، ثم عاد إليه المرض فمات، فهذا هو الذي فيه الخلاف: هل يقضى عنه أو لا يقضى؟ فجمهور العلماء على أنه لا يقضى، وهو المذهب، وحملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» [أخرجه البخاري في الصوم/باب من مات وعليه صوم (١٩٥٢) ؛ ومسلم في الصيام/باب قضاء الصوم عن الميت (١١٤٧) .] على صيام النذر، ولكن هذا قول ضعيف، ولكنه وسط بين قول من يقول: لا يصام عن الميت مطلقاً، لا نذر ولا فرض، ومن يقول: يصام عنه النذر دون الفرض، والصواب أنه يصام عنه النذر والفرض؛ لأنه لما قدم على القضاء ولم يفعله ثبت في ذمته، فإذا ثبت في ذمته ومات صام عنه وليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وَحَمْلُ الحديث على النذر ضعيف جداً؛ لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم كلام معصوم يعلم ما يقول، ويعلم الحال التي يتنزل عليها هذا القول، فهل يمكن أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد النذر، وهو نادر، ويترك قضاء رمضان، وهو الكثير؟ لا يمكن هذا أبدا، ولذلك القول الراجح في هذه المسألة أن الميت يقضى عنه صوم النذر، والصوم الواجب بأصل الشرع؛ لعموم هذا الحديث: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» ، وفي النذر ورد ذلك بخصوصه في المرأة التي ذكرت أن أمها نذرت أن تصوم، فلم تصم حتى ماتت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقضي الصوم عن الميت [أخرجه أحمد (١/٢٢٤) .] . فكل التفريعات والامتناعات التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - مبنية على أنه لا يصوم أحد عن أحد، لا في الفريضة ولا في النذر.

<<  <   >  >>