وفرق بينهما بأن النذر محله الذمة، فلا يعتبر فيه إمكان الأداء كالكفارة، وذكَرَ نص أحمد في رواية عبد الله في رجل مرض في رمضان: إن استمر به المرض حتى مات، ليس عليه شيء (١) ، وإن كان نذرا صام عنه وليه إذا هو مات. قال: وأومأ إليه في رواية الميموني، والفضل، وابن منصور. واختار صاحب «المحرر» أنه يقضى عن الميت ما تعذر فعله بالمرض دون المعتذر بالموت؛ لأن النذر وإن تعلق بالذمة، يتعلق بالأيام الآتية بعد النذر، فإذا مات قبل مضي المدة المقدرة، تبينا أن قدر ما بقي منها صادف نذره حالة موته، وهو يمنع الثبوت في ذمته، كما لو نذر صوم شهر معين، فمات قبله، أو جن ودام جنونه حتى انقضى، بخلاف القدر الذي أدركه حيا، وهو مريض؛ لأن المرض لا ينافي ثبوت الصوم في الذمة، بدليل أنه يقضي رمضان، ويقضي من نذر صوم شهر بعينه فلم يصمه لمرض، وإذا ثبت في ذمة المريض - والنيابة تدخله بعد الموت - فلا معنى لسقوطه به، وإنما سقط قضاء رمضان؛ لأن النيابة لا تدخله، ولم يجب الإطعام؛ لأنه وجب عقوبة للتفريط ولم يوجد. قال: ويؤيد ذلك أمره عليه السلام بقضائه عن الميت، ولم يستفصل هل تَرَكَه لمرض، أو غيره، هذا كله في النذر في الذمة، فأما إن نذر صوم شهر بعينه، فمات قبل دخولِهِ، لم يُصَمْ ولم يُقْضَ عنه. قال صاحب «المحرر» : وهو مذهب سائر الأئمة، ولا أعلم فيه خلافا.
(١) بشرط أن يكون المرض مما يرجى برؤه، فإذا مرض في رمضان مرضاً يرجى برؤه، ولكنه استمر به المرض حتى تضاعف ومات، فإنه ليس عليه شيء، أما لو كان في رمضان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه فالواجب الإطعام.