(٢) هذا أدركناه، يسمون اليوم الثامن: عيد الأبرار؛ لأن يوم الثامن يصادف يوم العيد، وهذا غير صحيح؛ لأن مفهوم هذا الكلام لو أخذناه بظاهره أن من لم يصم ستة أيام من شوال غير بار، وهذا كذب. (٣) وعلى هذا فنقول: إن صامها في غير شوال لعذر حصل له الأجر، وإن صامها في غير شوال لغير عذر كما لو أخرها، فإنه لا تحصل له فضيلة صيام الستة.
مثال الأول: لو صادف أنه بعد الانتهاء من رمضان مرض، وطال به المرض حتى خرج الشهر، ثم شُفي وصامها، فإنه يحصل له ذلك، وكذلك يحصل ثوابها إذا كان على الإنسان شهر رمضان كاملاً، فإنه يلزم من ذلك أن لا يصوم الست إلا في ذي القعدة، فيحصل له الأجر؛ لأنه أخرها لعذر.
ومثال الثاني: لو فَرَّط وتهاون، وقال: هذا الشهر شهر نزهة وسفر، وسوف أصوم في ذي القعدة، فإنه لا يحصل له ثوابها، ونعلم مما سبق أنه لو صامها قبل أن يتم رمضان فإنها لا تنفعه، حتى لو قلنا بجواز صوم النفل قبل القضاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان» ، ومن عليه قضاء لا يقال: إنه صام رمضان، بل صام بعضه.
مثاله: إنسان عليه سبعة أيام من رمضان، وانتهى الشهر، فقال: أصوم الست؛ لئلا يفوت الشهر، فصام الست، ثم صام الأيام الباقية في ذي القعدة، فإنه لا يحصل له ثوابها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط شرطين:
الأول: أن يصوم رمضان؛ لقوله: «من صام رمضان ثم أتبعه» .
والثاني: أن يكون من شوال.
ولأن صيامها بعد شوال بمنزلة الراتبة بعد الفريضة، ولو قدم الراتبة على الفريضة لم يحصل له ثوابها، كما لو قدم راتبة المغرب مثلاً، أو راتبة العشاء، أو الراتبة التي بعد صلاة الظهر، فإنه لا يحصل له ذلك الأجر، أما صوم التطوع غير الست فهل يجوز أو لا يجوز، كما لو صام يوم عرفة مثلاً، أو يوم عاشوراء، أو صام تطوعا قبل أن يقضي ما عليه من رمضان؟ فيه خلاف، فالمشهور من المذهب أن ذلك لا يصح، والقول الثاني: أنه يصح ما دام الوقت واسعاً للقضاء، فإن ضاق الوقت بحيث لم يبق عليه إلا مقدار ما عليه من الأيام، فإن النافلة لا تصح، وهذا أقيس، بدليل أن صلاة الفريضة موسع وقتها، ويجوز للإنسان أن يتنفل بما شاء قبل أن يصليها.