ولم يذكر الأكثر استحباب صوم رجب وشعبان، واستحبه في «الإرشاد» . وقال شيخنا: في مذهب أحمد وغيره نزاع، قيل: يستحب، وقيل: يكره، فيفطر ناذرهما بعض رجب. واستحب الآجري صوم شعبان، ولم يذكر غيره. وسبق كلام صاحب «المحررِ» ، وكذا قال ابن الجوزي في كتاب «أسباب الهداية» : يستحب صومُ الأشهر الحرم وشعبان كله، وهو ظاهر ما ذكره صاحب «المحررِ» في الأشهر الحُرُمِ وشعبان كله، وقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما من رواية مجيبة الباهلي - ولا يعرف - عن رجل من باهلة أنه عليه السلام أمره بصوم الأشهر الحرم. وفي الخبر اختلاف، وضعفه بعضهم، ولهذا - والله أعلم - لم يذكر استحبابه الأكثر، وصومُ شعبان كلهِ إلا قليلا في «الصحيحين» عن عائشة. وقيل: قولها: كله، قيل: غالبه، وقيل: يصومه كله في وقت، وقيل: يُفرِّقُ صومه كله في سنتين، ولأحمد، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، عن عائشة: لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير رمضان. قال في «شرح مسلم» : قال العلماء: إنما لم يستكمل غيره؛ لئلا يظن وجوبه. وعنها أيضا: والله إن صام (١) شهرا معلوما سوى رمضان حتى مضى لوجهه، ولا أفطره حتى يصيب منه. ولمسلم: منذ قدم المدينة. وعن ابن عباس: ما صام شهرا كاملا قط غير رمضان. ولمسلم: منذ قدم المدينة. متفق عليهما. وصوم شعبان كله في «السنن» عن أم سلمة، ورواهما أحمد. ولعل ظاهر ما ذكره الآجري أنه أفضل من المحرم وغيره؛ ووجهه قول أسامة بن زيد: لم يكن صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر ما يصوم من شعبان، وقال:«ذلك شهر يغفل الناس عنه» . رواه أبوبكر البزار، وأبو بكر بن أبي شيبة. وفي لفظة: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ترفع فيه أعمال الناس، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم» . وروى اللفظين أحمد والنسائي، والإسناد جيد.
(١) قوله: «والله إن صام» إن: هنا نافية، يعني: والله ما صام.