للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو شرع في صلاة تطوع قائما لم يلزمه إتمامها قائما بلا خلاف في المذهب (و) ، خلافا لأبي يوسف ومحمد والحسن بن صالح، وذكر القاضي وجماعة: أن الطواف كالصلاة في الأحكام إلا ما خصه الدليل، فظاهره: أنه كالصلاة هنا (وم) ، وهو ظاهر كلام الحنفية، ويتوجه على كل حال أن في طواف شوط أو شوطين أجرا، وليس من شرطه تمام الأسبوع كالصلاة (١) ، ولهذا قال عبد الرزاق: رأيت سفيان يفر من أصحاب الحديث إذا كثروا عليه دخل الطواف، فطاف شوطا أو شوطين ثم يخرج ويدعهم (٢) ، ولا تلزم الصدقة والقراءة والأذكار بالشروع وفاقا، وقال ابن الجوزي في قوله: {ورهبانية ابتدعوها} الآية [الحديد: ٢٧] ، قال القاضي أبو يعلى: والابتداع قد يكون بالقول وبما ينذره، ويوجه على نفسه، وقد يكون بالفعل بالدخول فيه، وعموم الآية يقتضي الأمرين، فاقتضى ذلك أن كل من ابتدع قربة قولا أو فعلا فعليه رعايتها وإتمامها. كذا قال (٣) ،


(١) قوله: «أن في طواف شوط أو شوطين أجراً، وليس من شرطه تمام الأسبوع» هذا فيه نظر، والصواب أن الطواف عبادة واحدة كالصلاة تماماً، فإذا لم يتمه فإنه لا يثاب عليه، اللهم إلا إن قطعه لعذر كالصلاة، فلو صلى ركعة ثم قال: أريد قطعها، فنقول: إذاً لا تثاب، إلا إذا قطعها لعذر فيثاب على ما صلى.
(٢) وفي فعل سفيان - رحمه الله - دليل على أن الإنسان إذا اشتغل بالطواف فلا ينبغي أن يشتغل بالحديث ولا بالفتوى إلا الشيء اليسير الذي لا يشغله عن الطواف، أما أن يطوف ويبقى الناس خلفه وعن يمينه وشماله يسألونه، فهذا نقول: إذا كان الأمر لابد منه فاترك الطواف واجلس للناس، أما مسألة أو مسألتان فهذه أرجو أن لا يكون فيها بأس.
(٣) هذا القول في غاية ما يكون من السقوط، بل نقول كل من ابتدع عبادة قولاً أو فعلاً فعليه الإقلاع منها وأن يتوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» [أخرجه مسلم في كتاب الجمعة/باب تخفيف الصلاة والخطبة (٨٦٧) .] ،. وأما ما ذكر عن النصارى والرهبانية فإنه لا يدل على الإقرار، قال الله تعالى: {ابتدعوها ما كتبنها عليهم إلا ابتغاء رضوان} [الحديد: ٢٧] يعني: ما فعلوها إلا ابتغاء وجه الله.

<<  <   >  >>