للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا قطع الصلاة أو الصوم فهل انعقد الجزء المؤدى وحصل به قربة أم لا؟ وعلى الأول: هل بطل حكما لا أنه أبطله كمريض صلى جمعة بعد ظهره أو لا يبطل؟ اختلف كلام أبي الخطاب في «الانتصار» وكلام غيره في ذلك، وفي كلام جماعة بطلانه وعدم صحته، وحمل أبو المعالي وغيره حديث عبادة فيمن ترك من الصلاة شيئا على من ترك واجبا كخشوع وتسبيح، فلم يذكروا ترك ركن وشرط، وذكر الأصحاب: أن ترك ركن وشرط كتركها كلها، قال جماعة: لأن الصلاة مع ذلك وجودها كعدمها، ومرادهم بالنسبة إلى الصلاة، لا أنه لا يثاب على قراءة وذكر ونحو ذلك (١) ، وقال شيخنا في «رده على الرافضي» : جاءت السنة بثوابه على ما فعله، وعقابه على ما تركه، ولو كان باطلا كعدمه، ولا ثواب فيه، لم يجبر بالنوافل شيء، والباطل في عرف الفقهاء ضد الصحيح في عرفهم، وهو: ما أبرأ الذمة، فقولهم: بطلت صلاته وصومه وحجه لمن ترك ركنا بمعنى وجب القضاء، لا بمعنى أنه لا يثاب عليها بشيء في الآخرة. إلى أن قال: فنفي الشارع الإيمان عمن ترك واجبا منه، أو فعل محرما (٢)


(١) وهذا هو الظاهر، أننا إذا قلنا: إذا قطع الصلاة بطل ما فعله منها، يعني: بطل على أنها صلاة، لا على أنه لا يؤجر على ما حصل منه من قراءة وذكر وتسبيح، فإنه يؤجر على هذا، لكن لا يؤجر على أنها صلاة، وهذا واضح.
(٢) البحث هذا مفيد وجيد، لكن الصواب أن نقول: من قطع عبادة فإن كانت واجبة لزمه إعادتها، وهذا لا إشكال فيه، وإن كانت نافلة نظرنا هل قطعها لعذر - كالعجز عن إتمامها - فإنه يثاب على ما فعل منها، وإن قطعها لغير عذر، نظرنا: هل ينبني بعضها على بعض؟ فإن كان كذلك، فإبطال آخرها يوجب إبطال أولها، لكن يثاب على ما فعل فيها من ذكر وقرآن وما أشبه ذلك، وإن كان لا ينبني آخرها على أولها، كما لو عزل ألف ريال ليتصدق بها، فتصدق بخمسمائة، ثم أبطل الصدقة، فإن ما تصدق به يثاب عليه ثواب صدقة؛ لأن آخرها لا ينبني على أولها، هذا هو التفصيل..

<<  <   >  >>