للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا لم يكن على تعليق الله ورسوله للحكم بهذا الوصف دليل، كان قول القائل: إن الله ورسوله إنما جعلا هذا مفطراً لهذا قولا بلا علم، وكان قوله: إن الله حرم على الصائم أن يفعل هذا قولا بأن هذا حلال وهذا حرام بلا علم، وذلك يتضمن القول على الله بما لا يعلم، وهذا لا يجوز (١) .


(١) يقول رحمه الله: «ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر الذي جعله الله ورسوله مفطرا هو ما كان واصلا إلى دماغ أو بدن» خلافا لمن قال: إن ما وصل إلى الدماغ، أو وصل إلى الجوف بأي طريق فهو مفسد للصوم، «أو ما كان داخلا من منفذ» كالعين مثلا أو الأذن تنفذ إلى الحلق، «أو واصلا إلى الجوف كالجائفة ... هي مناط الحكم» يعني: أنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن ذلك مناط الحكم عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، «ويقولون: إن الله ورسوله إنما جعلا الطعام والشراب مفطرا لهذا المعنى المشترك من الطعام والشراب» الذين يقولون بهذا هم الذين يفطرون بهذه الأشياء «وبين ما يصل إلى الدماغ والجوف من دواء المأمومة والجائفة، وما يصل إلى الجوف من الكحل ومن الحقنة والتقطير في الإحليل ونحو ذلك» هم يقولون بهذا وهم يتناقضون؛ لأنهم نصوا على أن الإنسان لو وطئ حنظلة برجله، والحنظلة من أشد النبات مرارة، ثم وجد طعمها في حلقه، فإنه لا يفطر، مع أن طعمها وصل إلى الحلق، لكن يقولون: إن الرجل ليست منفذا معتادا، فيقال لهم: والعين أيضا ليست منفذا معتادا، ولا اعتاد الناس أن يأكلوا بأعينهم، ولا أن يأكلوا بآذانهم، فلا فرق، ثم ذكر قاعدة مهمة، قال رحمه الله: «وإذا لم يكن على تعليق الله ورسوله للحكم بهذا الوصف دليل كان قول القائل أن الله ورسوله إنما جعلا هذا مفطرا بهذا قولا بلا علم» يعني: مثلا يقولون: إن الله جعل الطعام والشراب مفطرا؛ لأنه يصل إلى الجوف..قيل لهم: من قال لكم إن مناط الحكم وصول شيء إلى الجوف؟! بل لأنه شهوة يتلذذ به الإنسان ويتغذى بها، «وكان قوله: إن الله حرم على الصائم أن يفعل هذا، قولا بأن هذا حلال وهذا حرام بلا علم» ومعلوم أن الله تعالى قال: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} .

<<  <   >  >>