للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحتمل أنه على ظاهره (١) ، ويحتمل أن المراد كثرة الخير، وكثرة أسبابه، ومعنى «صُفِّدَتْ» : غلت، والصفد: الغل، وهو معنى سُلْسِلَت، والمراد: المَرَدَةُ، فليس فيه إعدام الشر، بل قلَّتُه؛ لضعفهم؛ ولهذا روى الترمذي، وابن ماجه من حديث أبي هريرة: «صفِّدَت الشياطين، ومَرَدةُ الجن» . وللنسائي من حديثه: «وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطين» . فلا يرد قول القائل: إن المجنون يصرع فيه، وقد قال عبد الله لأبيه هذا، فقال: هكذا الحديث، ولا تَكلَّمْ في ذا (٢) .


(١) قوله: «على ظاهره» يعني: أنها تفتح أبواب السماء حقيقة، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الوضوء: «من قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة الثمانية» [أخرجه مسلم في الطهارة/ باب الذكر المستحب عقب الوضوء (٢٣٤) , ولفظه: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبد الله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» .] ، يحتمل: أن المعنى على ظاهره، وأنها تفتح له أبواب الجنة، ويحتمل أن المراد تفتح له الأسباب التي تكون سبباً لدخول الجنة.
(٢) وهكذا ينبغي للإنسان ألا يتكلم في مثل هذه الأمور؛ ولهذا نهى الإمام أحمد ابنه أن يتكلم في هذا، وقال له: «لا تَكلَّمْ في ذا» ، وهذا كقول بعض الناس: لماذا قال الله - عز وجل - في قصة الخضر: {فأردت} ، {فأردنا} ، {فأراد ربك} . لماذا نَوّعَ؟ فنقول: لله - تعالى - أن يتكلم بما شاء، كيف شاء، وهذا الجواب مُسْكت، لا يمكن لأحد أن يرد عليه، وكوننا نعلم كل شيء - أي: كل أسرار الشريعة - هذا أمر لا أظنه يكون، والإمام أحمد - رحمه الله - نهى ابنه أن يتكلم في هذا، قال: «لا تتكلم في هذا» ؛ لأن ابنه أورد عليه، فقال: إن الإنسان يصرع في رمضان، فكيف تغلُّ الشياطين؟ والصرع من الشياطين..قال له: «لا تكلم في هذا، هكذا جاء في الحديث» وهذا هو كمال الأدب مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما ما يفعله بعض طلبة العلم المبتدئين الآن، حيث يُنَقِّبون عن أشياء ما تكلم بها السلف، فهذا من الغلط.

<<  <   >  >>