[ورواه غير واحد عن زيد بن أسلم مرسلا، وقال يحيى بن معين: حديث زيد بن أسلم ليس بشيء، ولو قدر صحته لكان المراد من ذرعه القيء، فإنه قرنه بالاحتلام، ومن احتلم بغير اختياره كالنائم لم يفطر باتفاق الناس، وأما من استمنى فأنزل فإنه يفطر، ولفظ الاحتلام إنما يطلق على من احتلم في منامه] .
وأما حديث الحجامة، فإما أن يكون منسوخا، وإما أن يكون ناسخا لحديث ابن عباس أنه احتجم وهو محرم صائم أيضا، ولعل فيه القيء إن كان متناولا للاستقاءة هو أيضا منسوخ، وهذا يؤيد أن النهي عن الحجامة هو المتأخر، فإنه إذا تعارض نصان ناقل وباق على الاستصحاب، فالناقل هو الراجح في أنه الناسخ، ونسخ أحدهما يقوي نسخ قرينه.
وقد ظن طائفة، أن القياس أن لا يفطر شيء من الخارج، وأن المستقيء إنما أفطر؛ لأنه مظنة رجوع بعض الطعام، وقالوا: إن فطر الحائض على خلاف القياس (١) . وقد بسطنا في الأصول أنه ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس الصحيح.
فإن قيل: فقد ذكرتم أن من أفطر عامداً بغير عذر كان فطره من الكبائر، وكذلك من فوت صلاة النهار إلى الليل عامداً من غير عذر كان تفويته لها من الكبائر، وأنها ما بقيت تقبل منه على أظهر قولي العلماء، كمن فوت الجمعة، ورمي الجمار، وغير ذلك من العبادات المؤقتة، وهذا قد أمره بالقضاء، وقد روي في حديث المجامع في رمضان أنه أمره بالقضاء؟
(١) ولهذا عندهم قاعدة، يقولون: لا وضوء مما دخل، بل مما خرج، ولا فطر مما خرج، بل مما دخل، لكن لا أصل لهذه القاعدة.