للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب القاضي عن قول المخالف: الهلال يجري مجرى طلوع الشمس وغروبها، وقد ثبت أن لكل بلد حكم نفسه، كذا الهلال؟ فقال: يتكرر مراعاتها في كل يوم، فتَلحَقُ المشقة في اعتبار طلوعها وغروبها؛ فيؤدي إلى قضاء العبادات، والهلال في السنة مرَّةٌ، فليس كبير مشقَّةٍ في قضاء يوم. ودليل المسألة من العموم يقتضي التسوية (١) ، وسبق قول أحمد أول المواقيت: الزوال في الدنيا واحد. لعله أراد هذا، وإلا فالواقع خلافه (٢) .

وقال شيخنا: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا. قال: فإن اتفقَتْ، لزم الصوم، وإلا فلا. وفاقا للأصح للشافعية.

واختار صاحب «الرعاية» البعد مسافة قصر، فلا يلزم الصوم (٣) ، وفي «شرح مسلم» : أنه الأصح للشافعية، واختار بعض الشافعية: البعد اختلاف الإقليم.


(١) هذا رد على الذين قالوا: دليل المسألة في العموم يقتضي التسوية؛ لأن الله تعالى قال: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: ١٨٧] ، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا رأيتموه فأفطروا» ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم» [أخرجه البخاري في الصوم/باب متى يحل فطر الصائم (١٩٥٤) ؛ ومسلم في الصيام/باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار (١١٠٠) .] ، ومن المعلوم: أنه لا يفطر أهل المغرب بفطر أهل المشرق، فلا فرق.
(٢) معنى كلام الإمام أحمد - رحمه الله -: «الزوال في الدنيا واحد» يعني: الشمس إذا مالت من الجانب الشرقي في الأفق إلى الجانب الغربي في الأفق، فهذا الزوال في أي مكان، وليس المعنى إذا زالت في المشرق فقد زالت في المغرب، أو العكس، فالإمام أحمد أعلم وأفقه من أن يريد هذا.
(٣) قوله: «مسافة قصر» يعني: أن أهل الرياض - مثلاً - يصومون، ونحن في القصيم لا نصوم إلا إن رأيناه، وهذا قول ضعيف، من أضعف الأقوال، أن يكون المعتبر مسافة القصر.

<<  <   >  >>