للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال في «شرح مسلم» : قالوا - يعني العلماء -: لا يقع النقص متواليا في أكثر من أربعة أشهر، وفي «الصحيحين» من حديث أبي بكرة: «شَهْرا عيد لا يَنْقصان: ِ رمضان وذو الحجة» (١) . نقل عبد الله، والأثرم، وغيرهما: لا يجتمع نقصانهما في سنة واحدة. ولعل المراد: غالباً، وأنكر أحمد تأويل من تأوله على السنة التي قال النبُّي صلى الله عليه وسلم ذلك فيها. ونقل أبو داود: لا أدري ما هذا؟ قد رأيناهما ينقصان. وقال إبراهيم الحربي: معناه: ثواب العامل فيهما على عهد أبي بكر الصديق واليومِ واحد. ويتوجه احتمال: لا يَنقُص ثوابهما إن نقَصَ العدد، وفاقاً لإسحاق، وجماعة من العلماء. وقاله ابن هبيرة، قال: ويزيدهما فضلا إن كانا كاملين. قال القاضي: الأشبه الأول؛ لأن فيه دلالة على معجزة النبوة؛ لأنه أخبر بما يكون في الثاني، وما ذهبوا إليه فإنما هو إثبات حكم. كذا قال (٢) . وإن صاموا ثمانية وعشرين ثم رأوا هلال شوال، قضوا يوما فقط. نقله حنبل، واحتج بقول علي رضي الله عنه، ولبُعْدِ الغلط بيومين. ويتوجه: تخريج واحتمال.


(١) يعني لا ينقصان في سنة واحدة، والمراد غالباً، إذ أنهما قد ينقصان، ولهذا أنكر الإمام أحمد على من فسَّر الحديث بأنهما لا ينقصان في تلك السنة التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، ثم إنه توقف رحمه الله، كما قال: «نقل أبو داود قال: لا أدري ما هذا؟» وهذا من احترام كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العلماء؛ لأن الواقع يدل على خلاف هذا الحديث؛ إذ أنهما قد ينقصان في سنة واحدة، وهناك تأويل سيذكره المؤلف، هو أصح ما قيل في ذلك.
(٢) هنا كلام القاضي - رحمه الله - تعقبه ابن مفلح - رحمه الله - بأن هذا معجزة للرسول (، وأنه لا يمكن أن ينقص في سنة واحدة، لكن يقال: إن هذا واقع، وأنهما ينقصان في سنةٍ واحدة، فيكون أصحّ ما يقال: إنهما لا ينقصان في الثواب، وإن نقصا في العدد.

<<  <   >  >>