للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تأخير البيان عن وقت الخطاب]

[١٢ - مسألة]

في تأخير البيان عن وقت الخطاب هل يجوز أم لا؟

قال أبو بكر في كتاب السنة، وأبو الحسن التميمي لا يجوز تأخير البيان عن وقت النطق، ولم يفرقوا بين أن يكون الخطاب عامًا أو مجملًا.

وقال شيخنا أبو عبد اللَّه يجوز ذلك، وهو ظاهر كلام أحمد فيما تقدم من رواية أبي عبد الرحيم الجوزجاني، من تأول القرآن على ظاهره من غير دلالة من الرسول، ولا أحد من الصحابة، فهو تأويل أهل البدع، لأن الآية تكون عامة قصدت شيئًا بعينه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المعبر عنها، فظاهر هذا أنه أوقف الحكم بها على بيان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ووجه من قال لا يجوز تأخره أن صيغة العموم إذا وردت بتجريدها أفادت إستغراق الجنس وتعلق الحكم بالكل، وإذا كان المراد الخصوص كان قد أمرنا باعتقاد الشيء على خلاف ما هو به، وهذا لا يجوز على اللَّه تبارك وتعالى، ولأن دلالة الخصوص مع لفظ العموم بمنزلة اقتران الإستثناء بالمستثنى منه، بدليل أن كل واحد منهما يخرج من اللفظ ما ليس بمراد، ثم ثبت أن الإستثناء لا يجوز تأخره عن المستثنى منه، كذلك قرينة الخصوص مع لفظ العموم مثله.

ووجه من أجاز تأخيره إلى وقت الفعل قوله -تعالى- {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (١) وهذا نص في تأخير البيان، لأن حرف ثم للمهلة والتراخي، ولأن لفظة العموم ترد مستغرقة للأعيان، كما ترد مستغرقة للأزمان، فالأعيان كقوله -تعالى- {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (٢)، والأزمان كقوله


(١) سورة القيامة الآية رقم ١٨.
(٢) سورة التوبة الآية رقم ٥.

<<  <   >  >>