للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذلك التقدير في الشيء يدل على حصره للمكلف، وجمعه له في المبادرة إلى فعله، والإِئتمار له، والحث على فعله، فجرى مجرى ضرب من ضروب التأكيد المقترن بالإِيجاب، فبان أنّه يفيد زيادة معنى لا يفيده الواجب الذي ليس فيه معنى الحصر.

[تخصيص عموم الكتاب والسنة بالقياس]

[٥ - مسألة]

هل يجوز تخصيص عموم الكتاب والسنة بالقياس أم لا؟

اختلف أصحابنا، فذهب شيخنا أبو عبد اللَّه مع جماعة من أصحابنا إلى أنّه لا يجوز ذلك، وحكي عن أبي الحسن الخرزي جوازه، وهو قول أبي بكر، قال أبو إسحاق: الزمنى الشيخ يعني أبا بكر، يدل على أنّ الظاهر يخص بالقياس، أنّ اللَّه -تعالى- نصّ على الإِماء في قوله -تعالى-: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (١)، والعبد مقيس عليه، قال أبو إسحاق: نظرت وإذا هذا ليس فيه حجة، وإنما هذا قياس على الظاهر، وليس بتخصيص الظاهر، وقد أومأ أحمد إلى الوجهين جميعًا، فقال في رواية الحسن بن ثواب حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يردّه إلا مثله، فظاهر هذا أنّه لا يخصّ الظاهر.

ونُقَل عنه في مواضع كلامًا يدل على جواز التخصيص، فقال في رواية بكر بن محمد: إذا قذفها بعد الثلاث وله منها ولد يريد نفيه يلاعن، فقيل له: أليس يقول اللَّه -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (٢)، وهذه ليست بزوجة، فاحتج بأن الرجل يطلق ثلاثًا وهو مريض وترثه، لأنه فار من الميراث


(١) سورة النساء ٢٥.
(٢) سورة النور ٦.

<<  <   >  >>