للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحكم بها بين الناس، وإذا ثبت وجوب ذلك، فلا بد أن ينصب هناك أدلة تعرف أحكام الحوادث بها، وذلك الدليل إما أن يكون نصًا أو غيره، فبطل أن يكون نصًا لأن اللَّه -تعالى- ما نصّ على حكم كل حادثة، فإذا لم ينص على حكم كل حادثة ولا بد من معرفة حكمها، ثبت أن معرفة حكمها بالإجتهاد، فإذا حرّم الخمر للشدة التي فيها، عرفنا أنّه إنما نصّ على الشدة ليلحق بها نظيرها، فثبت بذلك وجوب القول بالقياس.

[القياس على أصل ثابت بالقياس]

[١٦ - مسألة]

إذا ثبت الحكم في الأصل بدليل مقطوع عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع، وجب رد غيره إليه إذا كان معناه فيه، وهذا لا إشكال فيه، فأما إن كان معنى الأصل عُرِفَ بالإستنباط، مثل علة الربا في الزائد مكيلًا أو مطعومًا فهل يجب رد غيره إليه أم لا؟

قال شيخنا أبو عبد اللَّه: لا يجب رد غيره إليه، فعلى قوله يكون القول ببعض القياس دون بعض، وقد أومأ أحمد إليه في رواية مهنّا وقد سأله هل يقيس بالرأي؟ فقال: لا، هو أن يسمع الرجل الحديث فيقيس عليه، معنى قوله لا يقيس بالرأي: يعني ما ثبت أصله بالرأي لا يقيس عليه، وعندي أنّه يجب رد غيره إليه، وقد أومأ إليه في رواية ابن القاسم، فقال: لا يجوز الحديد والرصاص متفاضلًا قياسًا على الذهب والفضة، فقد قاس الحديد والرصاص على الذهب والفضة، والعلة في الأصل غير مقطوع عليها، لأن العلة عند بعضهم كونها قيمة المتلفات، وعند ابن عباس معنى آخر (١).


= وتلخيص الحبير، كتاب أمهات الأولاد ٤/ ٢٤١ رقم (٥).
(١) لم أجد معنى صريحًا لعلة الربا عند ابن عباس -رضي اللَّه عنه- فلعله يريد ما ورد عنه أنه كان لا يرى الربا إلا في النسيئة، كما في صحيح البخاري كتاب البيوع - باب بيع الدينار بالدينار ٢/ ٢١، =

<<  <   >  >>