للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[تخصيص السنة بالقرآن]

[٦ - مسألة]

هل يجوز تخصيص عام السنة بخاص القرآن أم لا؟

ذكر شيخنا أبو عبد اللَّه روايتين، إحداهما لا يجوز، وقال: لأن أحمد قال في رواية أبي عبد الرحيم الجوزجاني: قد تكون الآية عامة، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المعبر عن كتاب اللَّه تعالى وما أراد، وكذلك قال في رواية حنبل: السُّنة مفسرة للقرآن، وكذلك قال في كتاب طاعة الرسول: إن اللَّه جعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وكذلك نقل محمد بن أشرس، إذا كان الحديث صحيحًا معه ظاهر القرآن، وحديثان مجرّدان في ضد ذلك، فالحديثان أحب إليّ إذا صحا فظاهر هذا كله أن السنة تفسر القرآن وتخصصه.

والثانية: يجوز تخصيص عام السنة بخاص القرآن.

وجه الأولى: قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (١) فأخبر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المبيّن عن اللَّه، يعني ما أراد، فأما أن يكون اللَّه هو المبين عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما أراد فلا, ولأنّا متى خصصنا السنة بالآية جعلنا السنة أصلًا والقرآن تابعًا لها ومفسرًا لمعناها، وهذا فيه نقصان منزلة القرآن.

ووجه من أجاز ذلك -وهو أصح عندي قوله -تعالى- {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (٢) وسنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء فوجب أن يبينها القرآن، ولأن القرآن أقوى من السنة، لأن السنة إن كانت متواترة كانت كالقرآن في


(١) سورة النحل ٤٤.
(٢) سورة النحل ٨٩.

<<  <   >  >>