للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحاب محمد، وأخذ رجل بقول بعضهم، وأنجذ آخر عن رجل آخر منهم، فالحق واحد، وعلى الرجل أن يجتهد، ولا يدري أصاب الحق أم أخطأ فظاهر كلامه في أول المسألة أنّه مصيب في الحكم، لأنه منع من إطلاق الخطأ عليه في الحكم، وآخر كلامه يقتضي إطلاق ذلك عليه، لأنه قال عليه أن يجتهد ولا يدري أصاب الحق أم أخطأ، فأطلق الخطأ عليه.

وجه من قال: إن كل مجتهد مصيب في الحكم، أنّ الصحابة اختلفت في مسائل، منها الجدّ (١)، ولم ينكر بعضهم قول بعض بل أقره عليه، وسوغ للعامي أن يستفتيه، ولأنه لو كان الحق في واحد من القولين لنصب عليه دليلًا يوجب العلم، كما قلنا في مسائل الأصول، فلما لم ينصب دليلًا يوجب العلم ثبت أن الحق فيما يعتقده في حقه دون غيره.

ووجه من قال: إنه مخطئ في الحكم قوله -تعالى-: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} (٢) فوجه الدلالة أنهما حكما بالحكومة بقوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} (٣) وأخبر عن أحدهما أنه هو الذي حكم بالحق بقوله: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} ولو كان كل واحد منهما مصيبًا لكان قد فهمها كل واحد منهما، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (٤) فنص على خطئه، وفي المسألة أشياء كثيرة مذكورة في غير


(١) السنن الكبرى للبيهقي - كتاب الفرائض - أبواب الجد والأخوة ٦/ ٢٤٦ وما بعدها.
(٢) سورة الأنبياء ٧٩.
(٣) سورة الأنبياء ٧٨.
(٤) أخرجه البخاري - في كتاب الاعتصام - باب أجر الحاكم إذا اجتهد ٤/ ٢٦٨ عن عمرو بن العاص بلفظ "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
ومسلم في كتاب الأقضية - باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ٣/ ١٣٤٢ حديث ١٧١٦ بالرقم العام و ١٥ بالرقم الخاص عن عمرو بن العاص بلفظ البخاري وأبو داود - في كتاب الأقضية - باب في القاضي يخطئ ٤/ ٦ حديث ٣٥٧٤ بلفظ "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر". =

<<  <   >  >>