فالحِمار يَقول: إني جاهِل بَسيط، وصاحِبه الذي هو تُوما جاهِل مُركَّب، فالجاهِل هو الذي لا يَدرِي أنه جاهِل، هذا مُركَّب، والبَسيط هو الجاهِل الذي يَعلَم أنه جاهِل.
ويَتَّضِح بالمِثال: إذا قال لك قائِل: متى كانت غَزوةُ بَدْر؟ فقلتَ: لا أَدرِي، نُسمِّي هذا جاهِلًا بَسيطًا، فإنسانٌ لا يَعرِف وعرِف أنه لا يَعرِف، وقال: لا أَعرِف. وقال رجُل لآخَرَ: متى كانت غَزوةُ بَدْر؟ قال: الحمد للَّه الذي فتَحَ على الجاهِلين، كانت غَزوةُ بَدْر في جُمادَى الآخِرة سَنَةَ تِسْع من الهِجْرة؛ فالآنَ هو جاهِل وهو لا يَدرِي أنه جاهِل؛ ولهذا استَفْتَح بقوله: الحمدُ للَّه الذي فتَحَ على الجاهِلين، فيُقال: أنت لم يَفتَحِ اللَّه عليك! لأنك جاهِل.
ومعنى مُركَّب أنه مُركَّب من جَهْلَيْن؛ جهلِه بالواقِع، وجهلِه بحاله.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن فيها دَليلًا على أنَّ المُشرِكين في عهد الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُقِرُّون برُبوبية اللَّه تعالى، لقوله تعالى:{لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ هذا التَّوْحيدَ -تَوحيدَ الربوبية- لا يَنفَع مَن أَقَرَّ به فقَطْ؛ لأن هؤلاءِ المُشرِكين لم يَنتَفِعوا بهذا الإقرارِ، بَلْ لا بُدَّ من أن يُضاف إليه تَوْحيد الأُلوهية والأسماء والصِّفات.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات أن خالِق السمَواتِ والأرضِ هو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
فإن قال قائِل: هل المَخلوق يَخلُق؟
قُلْنا: لا، المَخلوق لا يُمكِن أن يَخلُق، وخَلْق المَخلوق إنما هو تَحويل شيءٍ إلى