الخَتْر وهو الغَدْر، والثاني الكُفْر وهو الاستِكْبار.
فإذا قال قائِل: كيف الغَدْر هنا؟
قُلْنا: لأن كل إنسان قد عاهَدَ ربَّه قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}؛ كما في قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف: ١٧٢]، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُم}[البقرة: ٤٠]، فكل إنسان قد عاهَد ربَّه بمُقتَضى فِطْرته أن يُؤمِن به، فإذا كفَر صار غادِرَا لم يَفِ بالعَهْد.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن إرسالَ الأَمْواج من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ امتِحان لعِباده، لقوله تعالى:{وَإِذَا غَشِيَهُمْ}{دَعَوُا اللَّهَ} حتى رحِمَهم.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات رِسالة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لقوله تعالى:{وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ}؛ والرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ما ركِبَ البَحْر حتى يَعرِف هذه الأمواجَ، وأنها كالظُّلَل، ولكنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلِم بها مِن خَبَر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ}؛ ولهذا قال بعضُ العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: إن كونَ هذه الآيةِ تُفيدُ كأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في وسَط البَحْر وهذا المَوجُ يَغشَى: يَدُلُّ على أنه رسولُ اللَّه حَقًّا، لأنه لم يَركَبِ البَحْر، ولا يُقال: إنه ربَّما أُخْبِرَ بذلك؛ لأن اللَّه أَبطَلَ هذا في قوله:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}[النحل: ١٠٣].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن هؤلاءِ المُشرِكين إذا وقَعوا في الشِّدَّة عرَفوا اللَّه تعالى.