للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعنِي: في تغيير الأُسْلوب حيث أتَى بالنِّسبة للوالِد في الفِعْل، وأتَى بالنِّسبة للمَوْلود بالجُمْلة الاسمِيَّة، والجوابُ على هذا أن يُقال: إنه أتَى بمَوْلود في الجُمْلة الاسمِيَّة؛ لئَلَّا يَطمَع أحَدٌ من المُسلِمين الذين قد أَسلَموا في كِفايتهم عن آبائِهم شيئًا أي: لئَلَّا يَطمَع المَوْلود المُسلِم في الإغناء عن أبيه الكافِر أَتَى بالجُمْلة الاسمِية للدَّلالة على الثُّبوت والاستِمْرار.

وعلى الوجهِ الثاني: إنه مَعطوف على والِد، وعلى هذا الوجهِ يَرِد إشكال في قوله تعالى: {هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} إِذْ إن المَعنَى يَكون ولا يَجزِي مَوْلود هو جازٍ عن والِده شيئًا قُلْنا: الجواب على ذلك أن مَعنَى {هُوَ جَازٍ} أي: هو أهل لكِفايته، ولكنه في ذلك اليَوْمِ لا يَدرِي وإن كان من أهل الإِجْزاء أو من أهل الجَزاء.

فإذا قال قائِل: لماذا لم يُقيِّد الوالِد بهذا القَيْدَ أيضًا؟

قُلْنا: لأن الوالِد غالِبًا أهلٌ لأَنْ يَجزِي، لأنه الوالِد هو الأكبَرُ، ويُمكِن أن يَجزِيَ بخِلاف الولَد، فالولَدُ يُمكِن أن يَكون صغيرًا لا يَجزِي شيئًا؛ ولهذا قُيِّدت بالنِّسبة للمَولود بكَوْنه أَهْلًا لأَنْ يَجزِيَ.

فقوله تعالى: {هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} إذَنْ ما الذي يَنفَع الإنسان في ذلك اليومِ؟

الجَوابُ: يَنفَعه ما ذكَره اللَّه تعالى عن إبراهيمَ الخليل -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٧ - ٨٩]، هذا الذي يَنتَفِع، فقوله تعالى: {مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أي: سَليم من كل ما يُنَقِّصه من الشِّرْك فما دونَه.

<<  <   >  >>