لا تَخدَعَنَّكم بزُخْرفها ولذاتها ومَسَرَّاتها؛ وذلك عن [الإسلام] وشَرائعه، فـ (عن الإسلام): إن كان الإنسان كافِرًا، و (عن شَرائِعه): إن كان مُسلِمًا.
وفي قوله تعالى:{فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} تَزهيد في هذه الحَياةِ؛ لأنه قال:{الدُّنْيَا} والدنيا فُعْلَى من الدُّنُوِّ، وهي دانية الزمَن، دانية المَعنَى والمَرتَبة، فهي دُنيا؛ لأنها سابِقة للآخِرة، ودنيا لأنها ناقِصة، كما تَقول: هذا دون هذا، يَعنِي: أَنقَصَ منه.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} نون التَّوْكيد دليل على أن غُرورها شديد، ولهذا أكَّدَ النَّهيَ بالنون: ولا تَغُرَّنَّكم.
وقوله تعالى:{وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{بِاللَّهِ} في حِلْمه وإمهاله] يَعنِي: لا يَغُرَّنَّكم باللَّه، والأمر -كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ- بإِمْهاله وحِلْمه.
وقوله تعالى:{الْغَرُورُ} صِفَة مُشبَّهة، ويُراد بها [الشَّيْطان]، كما قال تعالى:{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[النساء: ١٢٠].
والشيطانُ يَغُرُّ الإنسانَ باللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فمَثَلًا: يَقول له: لو أنك على باطِل لعاقَبَك اللَّه تعالى، أو يَقول له: إن رحمة اللَّه واسِعة واللَّه غَفور رحيم، أو يُمنِّيه بالتَّوْبة يَقول: صحيح أن هذه مَعصية، والإنسان مُعرِّضٌ نَفسَه للعُقوبة، لكن التَّوْبة أمامَك، فالآنَ تَمَتَّعْ بهذه المَعصيةِ وبعدَئِذٍ تَتوبُ.
ومن ذلك ما يُمنِّيه بعض الناس بأن يَقول: لا تُصَلِّ حتى تَبلُغ أربَعين سَنَةً. وهذا مَوْجود عند بعض الناس، فبعض الأجانب يَقولون: إن أهلَهُم يَقولون: