للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما تَجِب عليكم الصلاةُ إلَّا بعدَ بُلوغ أَرْبَعين سَنَةً؛ ولهذا يَسأَلون دائمًا عن الصَّلاة الماضية: هل يَقضُونها أم لا؟ فهذا من غُرور الشَّيْطان.

ومن غُرور الشَّيْطان أيضًا أنه يَقول في الشيء الذي يَعتَقِد الإنسان أنه مَعصية: هذه مَسأَلة خِلافية، وما دام فيها خِلافٌ تجَشَّمْها، مع أنه هو يَعتَقِد أنها مَعصية؛ وكذلك من غُروره أنه يَقول في الشيء الذي يَعتَقِد الإنسان أنه واجِب يَقول له: هذه المَسأَلةُ خِلافيةٌ، فيَكون هذا الرجُلُ إنِ احتاج لمُحرَّم قال: المَسأَلةُ خِلافية وافْعَلْهُ، وإن لم يَحتَجْ له قال: الذي أَدِين اللَّهَ به أن هذا مُحرَّم، ولا أَفعَلُه. فيَكون هذا الشيءُ دِينًا بالأمسِ غيرَ دِينٍ اليومَ، أو يَقول مثَلًا إذا هَواهُ فِعْل واجِب: واللَّه هذا واجِب، يَجِب عليَّ أن أَفعَله. فالمُسلِم يَلتَزِم بأحكام اللَّه تعالى، وإذا صار له شُغْل ذاك اليومَ يَقول: المَسأَلة خِلافية، والأَمْر سَهْل ما دامَتْ خِلافية فليس مَجزومًا بها.

مِثالُ ذلك: الصلاة في المَساجِد جماعةً هذه مَسأَلة خِلافية؛ فصلاة الجَماعة نَفْسُها خِلافية وكونها في المَسجِد خِلافية أيضًا، وهو يَعتَقِد أن الصلاة في المَساجِد جَماعةً واجِبةٌ، وأنه لا يَجوز لإنسان أن يَترُك الجماعة، ولا يَجوز أن يُصلِّيَها جَماعةً في بَيْته، لكن إذا صار له شُغل يَختار: المَسأَلة خِلافية؛ فالحاصِل أن هذا من غُرور الشَّيْطان.

ومن غُرور الشَّيْطان أيضًا أن يُفتِيَ للناس بشيء ويُفتِيَ لنفسه بشيءٍ آخَرَ؛ فيُرخِّص لها ويُسهِّل لها، ولغَيْره يُشَدِّد، فمِثْل هذه المَسائِلِ كلِّها من خِداع الشَّيْطان، والواجِب أن يَكون الإنسان على دِين واحِد: على دِين اللَّه تعالى لنَفْسه ولغيره وفي جميع أحواله.

<<  <   >  >>