وقد بيَّنَّا في شَرْح صحيح البُخارِيِّ وجهَ كَوْنها مَفاتِحَ فقُلْنا: الساعة مِفتاح الآخِرة؛ وتَنزيل الغَيْث مِفتاح للحياة؛ حياة الأرض والنبات؛ وقوله تعالى:{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} مِفتاح لحياة الإنسان وابتِداء خَلْقه؛ فأوَّلُ ما يَمُرُّ بعد التَّكوين بالرَّحِم؛ ولهذا الإنسانُ له أربَعُ دُور: الدار الأُولى في بَطْن أُمِّه، والثانية في الدنيا، والثالثة في البَرْزَخ، والرابِعة في الآخِرة؛ قال تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣].
الْفَائِدَة الأُولَى: أن عِلْم الساعة من خَصائص عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وحدَه؛ لقوله تعالى:{عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} فقوله تعالى: {عِنْدَهُ} تُفيد الحَصْر.
الْفَائِدَةُ الثَّانيَةُ: بَيان فَضْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في إنزال الغَيْث؛ لقوله تعالى:{وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} والمُنزّل للشيء هو العالِمُ به.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: اختِصاص اللَّه تعالى بعِلْم الغَيْب.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن عِلْمَ ما في الأرحام إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحدَه؛ لقوله تعالى:{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَام}.
وإذا نظَرْنا إلى ظاهِر السِّياق {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} لا نَنفِي أن غَيرَه يَعلَم؛ لأن كونَ اللَّه تعالى يَعلَم نحن يُمكِن أن نَعلَم، لكن تَفسير الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ