للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابنُ القيِّم (١) رَحِمَهُ اللَّهُ: لا تَغتَرَّ بِمَن قال: إنَّ رجُلًا يُحافِظ على تَرْك الصلاة، ثُمَّ يَقول: إنه مُؤمِن فإنَّ هذا لا يَدرِي عن أعمال القلوب وشُؤُونِها وأحوالِها، ولا يُمكِن لإنسان يُحافِظ على تَرْك الصلاة ثمَّ يَقول: إنَّه مُؤمِن، لو قال ذلك فهو كافِر، إِذْ إنَّ الإيمان حقًّا لا يَدَعُه يَترُك الصلاة مع عِلْمِه بِفضلِها والوعيد على تَرْكِها.

فكيف تُؤمِن بأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ ترَكَهَا فَقَدْ كفَرَ" ثُمَّ لا تُصَلِّي؟ وكيف تُؤمِن بأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقول: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنهمُ الصَّلَاةُ" (٢) ثُمَّ لا تُصلِّي! فأين الإيمانُ؟ وكيف تُؤمِن بأنَّ هذه الصلاةَ ما فُرِضَت على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَّا وهو في أعلى مَكان وفي أَشرَفِ ليلة، وبدُونِ واسِطة، وعلى أنَّها خَمسون صلاةً (٣)، وكلُّ هذا يَدُلُّ على عِناية عظيمة بهذه الصلاةِ، ثُمَّ لا تُحافِظ عليها، وتَقول: إنَّك مُؤمِن! ! .

أَعتَقِد لو أنَّ أحدًا مِن الناس قال له ملِك من المُلوك: إذا زُرْتَني في بيتي أَعطَيْتُك كذا، وإذا لم تَزُرْني عاقَبْتك بِكَذا. ثُم لَمْ يزُرْه هل يَكون عندَه الثِّقة بِما قال هذا الملِكُ؟ لا يَكون عِنده ثِقَة، لو كان عنده ثِقَة لذهَب بلا شَكٍّ على رأسه لا على رِجْلَيه! فكيف بوَعْدِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ووعيدِه! ! .

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثباتُ الجَنَّة؛ لِقوله تعالى: {لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ}، وهي مَوْجودة الآنَ، وقد دخَلها النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ورأَى فيها قَصرًا لِعُمَرَ بنِ الخطاب -رضي اللَّه عنه-.


(١) انظر: الصلاة وأحكام تاركها (ص ٦٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٤٦)، والترمذي: كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، رقم (٢٦٢١)، والنسائي: كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، رقم (٤٦٣)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، رقم (١٥٧٩)، من حديث بريدة بن المحصب -رضي اللَّه عنه-.
(٣) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم (٣٢٠٧)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السماوات، رقم (١٦٤)، من حديث مالك بن صعصعة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>