للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَلَا تُطِعْهُمَا}؛ لأنَّه لا طاعةَ لمِخُلوقٍ في معصِيةِ الخالِق، فإنَّ حقَّ اللَّهِ أوجَبُ مِن حقِّ الوالِدين، هو الذي أَوْجَبَ لهما الحَقَّ فكيف نُضِيع حقَّه مِن أجْلِ حقِّهما؟ !

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه: [{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} مُوافَقَةً للواقِع] هذا تَفسيرٌ لِقولِه: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي: أن هذا هو الأمرُ الواقِعُ ليس لك به عِلْم.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}؛ أي: بالمَعروف: البِرِّ والصِّلَة]، قوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا}، كلِمة {فِي الدُّنْيَا} ظَرْفِية لا شَكَّ فيها، ويُحتَمَل أن يَكون المُراد بالدنيا شُؤُونها، يَعنِي: في أمُورِ الدنيا صاحِبْهُما مَعْرُوفًا، أمَّا في أمُورِ الدِّين فلا تَتَعدَّى ما أمَرَك اللَّهُ بِه، ويُحتَمَل أن يَكون في الدنيا؛ أَيْ: في هذه الدُّنيا، لكن المعنى الأوَّل أبلَغُ، لأنَّه مِن المَعُلوم أنَّ المُصاحَبة بَيْن الوالِدين والوَلَد إنما تَكونُ في الدنيا، فلا حاجَةَ إلى التقدِير، فالظاهِر أنَّ المَعنَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} أي: فيما يَتَعلَّق بأمُورِ الدُّنْيا صاحِبْهما مَعروفًا.

قال المُفَسِّر: [بالمعرُوف] ومعنى هذا التَّفسيرِ {مَعْرُوفًا} أنَّ أنْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الخَافِض، والنصبُ بِنَزْعِ الخَافِض مع غَيْر (أنَّ) و (أَنْ) ليس بِمُطَّرِد، بل هو شاذٌّ، وإذا كان كذلك فإنَّه لا يَنبَغي أن يُحال القرآن عليه، ولو قيل: إنَّ {مَعْرُوفًا} صِفَة لمِصدرٍ محَذُوف، التقدير: صَاحِبْهما صِحَابًا مَعْرُوفًا، يَعنِي: صُحْبَةً مَعْرُوفَة، ليس فيها عُنْف، وليس فيها تَوبِيخ، ولا لَوْم، وليس فيها نَقْصٌ مِما يَجِبُ لهما لكان هذا أَوْلى.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بالبِرِّ والصِّلَة] البِرُّ: كثرة الخَيْر، والصِّلَة: عَدَم القَطِيعَة، فالمَعنَى: صِلْهما وبِرَّهما بما يَستَحِقَّان مِنك، لكن في أُمُورِ الدُّنيا فَقَطْ.

<<  <   >  >>