للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤ - قال الشارح - رحمه الله -:

هذه الأحاديث الثلاثة في جمع الصلاتين، وفي قصر الصلاة في السفر، وفي بيان صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على منبره ليُعلِّم الناس.

يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: «كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» (١). هذا يدل على أنه إذا كان على ظهر سير فالأفضل الجمع؛ لأنه أرفق بالمسافر.

قد فسر ذلك كما في رواية أنس أنه - عليه الصلاة والسلام - كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر مع العصر، وجمعهما جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد أن تزيغ الشمس قدَّم العصر مع الظهر، وجمعهما جمع تقديم, وهكذا المغرب والعشاء، فإذا كان المسافر على ظهر سير شُرع له الجمع؛ لأنه أرفق به، وإذا كان نازلاً مقيماً، فالأفضل عدم الجمع، «فلهذا لما نزل النبي في منى لم يجمع»؛ لأنه مقيم فصلى كل صلاة في وقتها في يوم العيد، وفي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر؛ لأنه مقيم، فالأفضل للمقيم في أثناء السفر، وما يتخلل السفر من الإقامات، فالأفضل له عدم الجمع، وإن دعت الحاجة للجمع فلا بأس، «كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع في تبوك وهو نازل» (٢).


(١) رواه البخاري، برقم ١١٠٧، وتقدم تخريجه في حديث المتن رقم ١٣٨.
(٢) أخرج مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم ٧٠٦، عن مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ».

<<  <   >  >>