وإذا نسي واجباً سقط عنه، وسجد للسهو، فهكذا في الصوم، فالأمر ليس بخيار الإنسان، فإنه مخلوق على هذه الصفة ينسى، وقد نسي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أفضل الخلق، وسها في الصلاة، - عليه الصلاة والسلام -، وهكذا بنو آدم، يُبتلون بالنسيان في الصلاة وغيرها، وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحكام النسيان في الصلاة، وهكذا في الصوم، أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يضرّه أكله وشربه ناسياً، وهكذا جماعه، وهكذا حجامته، وكل ما مرّ من المفطرات، إذا فعله ناسياً، ولم ينتبه إلا بعد ذلك، فصومه صحيح، وهكذا لو جامع عامداً عليه كفارة؛ ولهذا لما جاءه الرجل وقال: يا رسول اللَّه هلكت. قال:«ما أهلكك؟» قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فيعد هذا عامداً، حمله الهوى، والشيطان حتى وقع عليها، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عليه الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً كالظهار، كالذي يظاهر من امرأته يُحرّمها، عليه كفارة مرتبة: العتق، ثم الصيام، ثم الإطعام، حسب طاقته، فإن استطاع العتق، وجب عليه العتق، عتق رقبة مؤمنة، ذكراً، أو أثنى، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، وهي مثله إذا كانت مطاوعة، مثله عليها الكفارة، أما إذا كانت مقهورة بالقوة، ليس لها اختيار، وليست موافقة فهي معذورة، فإن عجز يطعم ستين مسكيناً.
وفي هذا الحديث أن هذا الرجل قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل تجد كذا؟ هل تجد كذا؟ قال: لا أستطيع. حتى قال له:«أطعم ستين مسكيناً».