الأول: حديث عمر - رضي الله عنه -، وهو عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي، الإمام المشهور، الخليفة الراشد، أفضل الصحابة بعد الصديق رضي اللَّه عن الجميع: أنه قبّل الحجر، ثم قال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبّلك ما قبلتك. مقصوده - رضي الله عنه - البيان أنه لم يقبله لاعتقادٍ فيه أنه ينفع ويضر: كاعتقاد الجاهلية في أصنامها: أنها تشفع لهم، أو أنها كذا، إنما قبّله تأسِّياً بالنبي - عليه الصلاة والسلام -؛ ولهذا قال: إني لأعلم, اللام هذه لام الابتداء، إني لأعلم يعني إني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبلك ما قبلتك، يعني لولا التأسي ما فعلت هذا؛ ليعلم الناس أنه ليس لاعتقاد، كما يعتقد الكفار في أصنامهم, وإنما هو اتباع، وتأسٍّ بالنبي - عليه الصلاة والسلام -، ولا يمنع ذلك من كونه يشهد لمن استلمه بحق، كما في الحديث الآخر: «يَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ولَهُ لِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، وَعَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، يَشْهَدُ لِمَنِ
(١) رواه البخاري، كتاب الحج، باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، واللفظ له، برقم ١٦٠٩، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف، دون الركنين الآخرين، برقم ١٢٦٩.