تقول عائشة - رضي الله عنها -: «إنها فتلت قلائد هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيديها، ثم أشعرها»، وتقول:«إنه أهدى مرة غنماً»، هذا يدلّ على أنه يُشرع الهدي من الغنم، والإبل، والبقر، كله قربة، وكله طاعة، وأن السُّنّة أن تُقلّد بقلائد تُعرف، وتُشعر الإبل، والإشعار هو أن تجرح في سنامها جرحاً يُبين أنها هدي، حتى لو عطبت، أو ضلت يُعرف أنها هدي، وهذا في الإبل خاصة.
والقلائد كونها تقلّد بقلادة يعرف أنها هدي، بقلادة معروفة: نعل، أو من النعل، شيء يعرف أنه هدي، شيء تعارف الناس فيه أنه يجعل على الهدي، حتى إذا ضلّ أو عطب ينحر ويؤكل.
وفيه أن المهدي لا يَحرُمُ عليه شيء كان له حلالاً، وفي هذا قالت: فما حرم عليه شيء كان له حلالاً - عليه الصلاة والسلام -، فإذا أهدى فله أن يأتي أهله، وله أن يقلّم أظفاره، وله أن يحلق شعره، لا بأس عليه، أما المُضحِّي إذا أراد أن يُضحِّي مع دخول شهر ذي الحجة، فإنه لا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئاً، هذا للمضحي خاصة، الذي يسوق المال من ماله، يبذل المال، ويشتري الضحية يتطوع بها، هذا لا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئاً، أما زوجته، وأهله، فليس عليهم بأس من ذلك، هو الذي أخرج المال من ماله، وأراد أن يضحي إذا دخل الشهر شهر ذي الحجة، فلا يأخذ شيئاً حتى