- عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع، أمرهم لما كان اليوم الثامن أن يلبّوا بالحج، وبقي على إحرامه هو - عليه الصلاة والسلام -؛ لأنه ساق الهدي، وهكذا من ساق الهدي من أصحابه بقي على إحرامه، وقالت عائشة - رضي الله عنها -: يا رسول اللَّه ينطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحج! لأنها حاضت، فلم يتيسر لها أن تحل من العمرة، كما أحل الناس، وأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تدخل حجها بالعمرة؛ لأنه جاء وقت الخروج إلى منى، وهي في حيضها، فأمرها أن تهلّ بالحج، وأن تكون قارنة، فأهلّت بالحج، وصارت قارنة، فلما جاء يوم النحر طافت، وسعت، وقصرت، وقال:«يجزئك هذا عن حجك، وعمرتك»(١)،
صارت قارنة، أجزأها طوافها وسعيها، فقالت: يا رسول اللَّه، ينطلقون بحجة وعمرة! أي بحجة مفردة، وعمرة مفردة، تعني أصحابها الذين ليس معهم هدي، وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهن ليس معهن هدي، كل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حللن، جعلنها عمرة؛ فلهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن أخاها أن يُعْمِرَها من التنعيم، يعني يخرج بها إلى التنعيم، وهو حِلٌّ قريب من مكة، أقرب الحل إلى مكة، فخرج بها، وأحرمت من هناك بالعمرة، وطافت، وسعت، وقصَّرت، وصار لها عمرة مستقلة بعد الحج، فدلَّ ذلك على أنه لا حرج لمن أراد عمرة من مكة أن يخرج إلى التنعيم، أو إلى أدنى
(١) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران، وجواز إدخال الحج والعمرة، ومتى يحل القارن من نسكه، برقم ١٢١١، ولفظه: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ، فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» ..